Uncategorized

دوامة العمل تدور بنا فلا نستطيع الفكاك منها، معظم وقتي أقضيه في العمل، وأفني كل طاقاتي فيه، واستخدم كل قدراتي وإمكانياتي لصالحه، ولا أفكر إلا في العمل ومشكلاته، الموبايل والنت والميل يغمسونني في محيط العمل مهما بعدت عنه، الصحف والفضائيات لا تجعلني أهنأ بأي أجازة أبدا من تدفق الأخبار والأحداث، حتى قراءاتي أصبحت لا تدور إلا في نطاق العمل.

الجلوس مع الأصدقاء أصبح من النوادر، كلهم يشتكون من نفس المشكلة، كلنا نحلم لو خصصنا يوما أو بعض يوم نتقابل فيه، نتجاذب أطراف الأحاديث، ولكن العمل دائما ما يبدد هذا الحلم، لذلك قلما تحدث مثل هذه اللقاءات، وإن حدثت فلا كلام إلا في العمل!

الأطباء نصحوني بممارسة الرياضة في أماكن مفتوحة لعلاج مشكلات متعددة، وأنا لدي الرغبة الحقيقية في ذلك، لكن ظروف العمل تمنعني من التنفيذ، فليس لدي وقت للذهاب إلى النادي، في الصباح أقوم من نومي بصعوبة، ألملم أشيائي للحاق بالعمل، أما في المساء فالإرهاق يغلب أي رغبة أخرى سوى العودة إلى البيت، وعندما أحاول الاستسلام للنوم، تهاجمني الأفكار، أفكار العمل، كان يجب أن أفعل هذا، وكان يجب أن أقبل هذا، وأرفض هذا، أو أمنع هذا، وهكذا يطير النوم من عيني أو يتأخر، وأحيانا كثيرة توقظني فكرة في منتصف الليل، أو قرار معلق يحتاج إلى حسم، فلا أستطيع النوم بعدها بسبب الغرق في تفاصيله.

 

أسرتي الصغيرة هي المظلومة بالطبع، فلا وقت أستطيع أن أحدده للجلوس معهم، وإذا وعدتهم بتخصيص وقت معين كثيرا ما أخلفه بسبب ظروف العمل، ارتباطاتي معهم دائما تنتهي بالفشل بسبب عدم قدرتي على التحكم في وقت العمل، حتى اهتزت مصداقية وعودي أمام أولادي، كما تسرب لديهم إحساس بأن عملي أهم منهم، وأن ارتباطي به أهم من ارتباطي بهم، عائلتي أيضا تتهمني بعدم جديتي في صلة رحمهم، فليس لدي وقت لزياراتهم، حتى عندما أزورهم أكتشف أشياء كثيرة جدت عليهم، بسبب تباعد فترات لقاءاتنا.

اعتقد أن حياة مثل هذه، يسيطر العمل على كل مساراتها، تحتاج قرارا حاسما يجب أن يتخذ، قرارا بإعادة الحياة في أكثر من اتجاه، لكن هل من الممكن بالفعل اتخاذ قرار مثل هذا؟

لا أعرف!

 

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x