Uncategorized

لعبة تبادل الأدوار!

عندما أشاهد شخصا شريرا في تصرفاته، أسأل نفسي: لماذا هذا الإنسان يحمل كل هذا الشر بداخله، ولماذا يتعامل مع الناس من حوله بهذه الطريقة الشريرة، هذه التساؤلات من الطبيعي جدا أن أسألها لنفسي، كما نسألها جميعا لأنفسنا، ونندهش ونتعجب عندما لا نجد إجابات عليها، ولكن دعني أغير اتجاه السؤال، تعتقد ماذا يقول عني الشخص الشرير، قد يكون رأيه فيَّ مثل رأيي فيه، فمن المحتمل جدا أن يكون رأيه إنني أنا الشرير، إذن كيف أعرف الحقيقية، ومن يفصل بيننا؟!

أعتقد إن اكتشاف الإنسان لنفسه أفضل طريقة للحكم على الآخرين، فإذا استطعت أن تقيم شخصيتك وصفاتك بموضوعية وحيادية، فإنك ستستطيع بكل تأكيد تقييم شخصيات الناس من حولك بنفس الحيادية، متى توافرت عوامل هذا التقييم لديك.

قرأت ذات مرة قصة تحمل معاني عميقة، أرويها لكم: دخل شاب صغير إلى محل به هاتف، استأذن الشاب باستخدام الهاتف وبدأ بعمل اتصال، قال الشاب في الهاتف: سيدتي، أيمكنني العمل لديك في وظيفة جنايني لحديقتك؟ أجابت السيدة: لدي من يقوم بهذا العمل، هكذا فهم صاحب المحل الذي كان يقف بجوار الشاب المتكلم، قال الشاب: سأقوم بالعمل لديك بنصف الأجر الذي يتقاضاه هذا الشخص، أجابت السيدة بأنها راضية بعمل ذلك الشخص ولا تريد استبداله.

بدا الشاب أكثر إلحاحا في طلبه وقال: سأنظف أيضا ممر المشاة والرصيف أمام منزلك، وسأجعل لك الحديقة من أجمل حدائق المدينة، ومرة أخرى أجابته السيدة بالرفض، تبسم الشاب وشكرها وأغلق الهاتف، وبينما هو يستعد لدفع الحساب، تقدم صاحب المحل إلى الشاب وقال له: لقد أعجبني حماسك الكبير للعمل، وإصرارك على خلق فرصة عمل، ولذلك فإنني أعرض عليك فرصة للعمل لدي في هذا المحل.

أجاب الشاب الصغير: أشكر لك عرضك، غير أني فقط كنت أقيم أدائــي للعمل الذي أقوم به حاليا بشكل حيادي، إنني الجنايني الذي يعمل لدى هذه السيدة التي كنت أتحدث إليها في الهاتف.

ونرجع للسؤال: كم منا يبذل جهدا لمعرفة صفاته وتصرفاته، أو يحاول تقييم أدائه في العمل بشكل حيادي، كم منا سأل نفسه بعد إحساسه بوقوع ظلم عليه، هل أنا مظلوم فعلا؟ أم أنني ظالم أيضا؟ يجب أن نتقن لعبة تبادل الأدوار إذا أردنا أن نفهم الناس، ونلتمس لهم الأعذار، يجب أن نتفهم دوافع تصرفات الآخرين معنا، يجب أن نحاول التفكير بطريقتهم، والنظر بعيونهم، وقتها قد نتخلى عن عوامل كثيرة تدفعنا للإحساس بالظلم، وقتها فقط سنفهم الناس ويفهموننا، وسنحب الناس ويحبوننا.

الفرق الوحيد بين تقييمنا للناس الطيبين والناس الأشرار، هو أننا نريد أن نحكم على الذين نحبهم بالطيبة، ونريد أن نصف الذين لانحبهم بالشر، فقط رسائل وإشارات نرسلها لأدمغتنا، وهى تقوم بعمل اللازم.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x