Uncategorized

علامة الهدى!

من أجمل الأفكار التى تخطر ببالي عندما أتأمل العبادات التى فرضها الله علينا، هى الأخلاق التى يجب أن نخرج بها من ممارسة هذه العبادات، فأنا كعبد ماذا استفيد من كون عبد آخر يصلي لله أو يصوم أو حتى يحج؟ بالطبع لا أستفيد أى شئ من هذه العبادة، بل ربُ شخص لا يصلي ولا يصوم أفضل عندي في حسن معاشرته وسلوكياته معي، من شخص آخر يصلى كل فروض ربه في المسجد، ويخرج منه يغتابني ويبهتني وربما يسبني!

 لذلك عندما استجاب الله لدعوة أبى الأنبياء ابراهيم عليه السلام، قال في سورة آل عمران: “لقد من الله على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة”، وقد قدم سبحانه وتعالى تزكية المؤمنين واصلاح أخلاقهم على تعليمهم كتابهم وأصول دينهم، وهذا ما يفعله رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه، إذ ظل يربي أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين على الخلق والفضيلة أكثر من ثلاثة عشر عاما، قبل أن يشرع في تعليمهم أمور دينهم.

وعندما نتأمل الأخلاق التى تنميها العبادات نجدها أخلاقا اجتماعية في المقام الأول، المقصود منها إحساس الناس من حولنا بقيمة ما وصلنا إليه من سمو في الأخلاق والمعاملات بسبب ممارستنا الصادقة والمخلصة لهذه العبادات، فالشعور بالمساواة بين الأغنياء والفقراء، عندما نقف صفا واحدا سواسية أمام الله نصلي، يزرع في نفوسنا التواضع وبشاشة الوجه ولطف الخلق وحسن المعاملة، وهو ما يحبب فينا الناس، كما تعلمنا الزكاة الكرم وتقينا الشح والبخل، وهو ما يعود علينا بتطهير نفوس الناس من حولنا من الحقد والحسد على ما نملك.

والأخلاق التى ينميها فينا الصوم كثيرة، ومن أبرزها على الاطلاق الصبر، فالصبر على ما حلل الله في رمضان، يجعلنا من باب أولى نصبر على ما حرم، والصبر على الجوع والعطش بإرادتنا، لابد ان يحرك احاسيسنا للشعور بالجوع الذي يعيشه بعض الفقراء بغير ارادتهم، ولان الصوم مبني على تقوى الله، فانه يعلمنا ان نتقي الله في الناس، فلا نغتابهم، ولا نبخسهم حقوقهم، ولا نستهزيء بهم، ولا نتعالى عليهم، فلو اتقينا الله في الناس، فإن الله سيجعل لنا من كل كرب مخرجا، وهو ما نصبو إليه جميعا.

ان رمضان لفرصة عظيمة لإحياء الأخلاق الاجتماعية الإسلامية، ليست الأخلاق المستمدة من عبادة الصوم فقط، ولكن كل الأخلاق المستمدة من العبادات كلها، فكثير من الناس الذين يستشعرون رمضان ويعظمون شعائره، تتغير أخلاقهم في رمضان، فيتحول بخلهم إلى كرم وجود، ويتحول غضبهم وعصبيتهم الى حلم وتسامح، وكسلهم وانشغالهم بأمور الدنيا وجريهم وراء مصالحهم إلى صلاة وقيام وتهجد وقراءة قرآن، وهذا أمر محمود، ولكن غير المقبول أن نعود الى ما كنا عليه بعد رمضان، وكأن رب رمضان ليس رب باقي الشهور.إن علامة الهدى وقبول العمل، هو الثبات عليه وإن قل، ثبتنا الله وهدانا جميعا الى  طريق الهدى.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x