Uncategorized

رفيعة هانم!

العجيب في مجتمعنا الذي يتهمونه بالذكوري، ان تكون 53 زوجة من كل 100 زوجة تضرب زوجها، وهي نسبة كبيرة جدا جدا تحدث بالفعل في احد المجتمعات العربية، وهي لا تقارن بنسبة ضرب الأزواج لزوجاتهم، حيث ان عدد الأزواج المتبقي من المائة هو 47 زوجا، ليسوا كلهم – بكل تأكيد- يضربون زوجاتهم، على اعتبار ان نسبة من هذا العدد أزواج محترمون، “لا بيضربوا، ولا بينضربوا”.

ولكن ما الذي يجعل الزوج يضعف أمام زوجته حتى يقبل ان تعتدي عليه، في الحقيقة ان المرأة كائن لديه القدرة على التغير حسب الظروف التي يعيشها، كما تملك القدرة على التكيف مع الشخص أو الأشخاص الذين تعيش معهم، وتتغير مع الوقت تبعا لتغير الأجواء من حولها، فالمرأة عندما تدخل بيت الزوجية، تبدأ في دراسة زوجها دراسة دقيقة متأنية، وتبدأ في معرفة كل تفاصيل شخصيته ونقاط قوته ونقاط ضعفه، ثم تبدأ في وضع الخطط المحكمة والمناسبة للتعامل مع هذه الشخصية من خلال نقاط ضعفها، وذلك لفرض سيطرتها أو تأمين الحصول على متطلباتها وذلك بحسب طبيعة شخصيتها وميولها.

بعض الأزواج تكون شخصيتهم ضعيفة، أو مترددين، أو سلبيين، والمشكلة لا تظهر إلا في حالة اقترانهم بزوجات يتمتعن بقوة الشخصية، والقدرة على الحزم واتخاذ القرارات، ونظرا لان الحياة دائما ما تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة في لحظات معينة، فإن الزوجة تبدأ في سحب البساط من تحت قدمي زوجها شيئا فشئيا، حتى تصبح هي المسؤولة على ادارة أمور حياة الأسرة، وبالتالي تتحول السلطات الى يدها، ومن هنا يمكن ان تبدأ في فرض سيطرتها على الزوج، ويتحول الزوج الي تابع لزوجته ينفذ اوامرها ورغباتها ولا يستطيع حتي أن يعلن معارضته لها، وهو ما قد يؤدي الى تأنيبه أو توبيخه، عندما يتصرف من تلقاء نفسه، او يخطيء، حتى يصل الأمر الى معاقبته بالضرب. أيضا تفوق الزوجة على زوجها، في النواحي المادية، أو الثقافية، أو الاجتماعية، من الأسباب التي قد تؤدي الى استبداد الزوجة بزوجها، وتعنيفها له إذا ما حاول عدم الخضوع والامتثال.

صحيفة اخبار اليوم المصرية، تناولت هذه الظاهرة بشكل كاريكاتيري في بداية السبعينات من القرن الماضي، في وقت كان الحديث عن عنف الزوجات مجرد حوادث فردية وخيالات تحكى لإضحاك الناس، فرسمت سيدة بدينة جدا أسمتها “رفيعة هانم” وهي الزوجة القوية العنيفة المتسلطة، ورسمت زوجها الضئيل جدا وسمته “السبع افندي”، وهو الزوج الضعيف الهادئ المكسور، وحركت هاتين الشخصيتين بشكل كاريكاتيري يومي ساخر، سألت والدي -رحمه الله- وقتها عن مدى واقعية هذه الكاريكاتيرات في حياتنا، فضحك من قلبه وقال انه مجرد كاريكاتير من خيال الرسام، هدفه رسم البسمة فوق شفاه القراء صباح كل يوم، وتوفي والدي بهذا ومات معه اعتقاده، ولم يعلم والدي أن خيال الرسام تحول مع الوقت الى ظاهرة حقيقية وواقع مؤلم يهدد حياتنا.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x