Uncategorized

أفكار من الهجرة!

ونحن مازلنا نعيش أجواء العام الهجري الجديد، وما يحمله من أفكار جديرة بالتأمل، أجدني أقف عند فكرة الأخذ بالأسباب، والتي أولاها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام جل اهتمامه، فكانت – من وجهة نظري – سببا مباشرا لنعمة الدين التي نتنعم فيها نحن الآن، وتنعم بها أجدادنا من قبل، وسيتنعم بها أبناؤنا وأحفادنا، إلى أن يشاء الله.

الله العلي القدير، عندما أمر رسوله الكريم بالهجرة، كان يستطيع أن يسري به من مكة إلى المدينة في لمح البصر، كما أسرى به من قبل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، كان يستطيع أن ينفذ مشيئته بالكيفية المناسبة لقدراته غير المحدودة، وبطرق غير محدودة أيضا، إلا أن ما حدث درس يجب ألا يمر على أناس يحملون عقولا ولو كانت صغيرة في أدمغتهم، دون أن يتفكروا فيه، ويقتدوا به، وإلا ما كان للرسول الكريم أن يتحمل مثل هذه المخاطرة الهائلة، إذا لم نتفكر فيها، ونتعلم منها، ونعمل بها.

الفكرة الأولى هي السرية الشديدة التي أحاط بها الرسول الكريم هجرته، وهو القادر على الإعلان عن توقيت خروجه، من منطلق إيمانه وتسليمه الكامل لله، وقوته وجرأته وشجاعته عليه الصلاة والسلام، فكيف للصحابة يقولون كنا إذا اشتد القتال، وحمى الوطيس، نحتمي برسول الله، فيكون أقربنا على العدو، كيف يتسلل متخفيا من مكة، وعمر الذي كان يحتمي به يقف ويقول: من أراد ان تثكله أمه، أو ييتم ولده، أو يرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي!

والفكرة الثانية هي استعانته بخبير في الطرق من المشركين كدليل له خلال الرحلة، وهل كان الرسول سيضل الطريق في الصحراء، وهو الخارج تنفيذا لأمر الله، هل كان ربه سيتخلى عنه؟!

لو كان رسولنا الكريم فعل مثلما فعل عمر وهو خارج من مكة – وهو قادر على ذلك – لتأسى الناس برسولهم، ولم يجهزوا أنفسهم جيدا بالأسباب العقلية في مواجهة أمور الحياة، كذلك عندما أراد صلى الله عليه وسلم أن يختار دليلا لرحلة الهجرة، اختار بناء على الخبرة والكفاءة، بالرغم من كون الشخص الذي وقع عليه الاختيار مشركا غير مسلم، وهو بذلك فض إشكالية معقدة مازلنا مختلفين فيها حتى الآن!

الرسول الكريم أراد أن يعلم الأمة ضرورة الأخذ بالأسباب المادية حتى نحقق أهدافنا، أما نحن فمازلنا منقسمين، إما أن نكون ملتزمين دينيا وغير آخذين بالأسباب، وإما غير ملتزمين دينيا وآخذين بالأسباب المادية، والنتيجة لا تحتاج إجابة، فقط تحتاج إلى نظرة لواقعنا لنعرف الإجابة!

بقى أن أنقل معلومة تحمل بعض اللبس لدى الكثير من الناس، نبهني إليها صديقى مدحت عبد الدايم، وهي ان الهجرة تمت في شهر ربيع الأول، وبالتحديد في ضحى يوم الإثنين 12 من ربيع الأول، وليس أول محرم كما هو شائع، إنما تم التأريخ منذ هذه السنة، للشهور العربية المستخدمة لدى العرب من الأصل.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x