Uncategorized

بين الراحة والرومانسية!

كنت أسأل، ما الذي يجعل الزوجات العربيات يرفضن ما تتجه إليه الغربيات المتحررات في مسألة غرفتي النوم المنفصلتين؟ ولكن قبل أن أجيب على السؤال، لابد أن أوضح لكل من هاجمني بشدة على اعتبار أنني رجل انفصالي أدعو للفصل بين غرف نوم الأزواج، وهذا عار عن الحقيقة تماما، بدليل أنني أعيش وزوجتي في غرفة واحدة منذ أكثر من خمسة عشر عاما، لم أشعر فيها بأى نوع من أنواع الضجر، بل على العكس من ذلك، إنما قناعاتي دائما هي أن الاختلاف سنة الحياة وحكمة الله في خلقه، وعلينا أن نعي ثقافة الاختلاف ونتعامل بها في حياتنا، ورأيي في هذه المسألة بالتحديد: إذا كنا كعرب نتميز بالعلاقات الأسرية الدافئة، وينعكس هذا الدفء في تمسكنا بالإقامة في غرفة نوم واحدة، فإن ذلك لا يقلل أبدا من أي وجهات نظر أخرى مهما اختلفت معنا، سواء من داخل مجتمعنا أو من مجتمعات أخرى، وعلينا احترامها بل والتفكر فيها لعلنا بجد أي جوانب إيجابية فيها نستطيع الاستفادة منها.

وحتى لا أخرج عن الموضوع، اعتقد أن إجابة السؤال تتلخص في أن نساءنا العربيات ينشأن منذ الصغر في بيوت أهلهن على العواطف الجياشة في تعاملاتهن، كما أنهن يحلمن ويتعلمن كيف يكون بيت الزوجية وكيف يزرعن الحب في هذا البيت، وكيف يغمرن بحنانهن ورقتهن أركان البيت بالدفء والسعادة، وعندما يتزوجن وينتقلن إلى بيوت أزواجهن فإن هذه العواطف تتأجج وتتدفق داخل البيت فتنشر فيه الحياة، حياة الحب والسعادة، وتختزل السيدة كل هذه المعاني في بداية زواجها في غرفة النوم، حتى بعد الإنجاب تجد الأطفال ينامون بين آبائهم وأمهاتهم حتى سن متأخرة، كما أن الأسر العربية تمارس الكثير من أعمالها وواجباتها في غرفة النوم، كالأكل مثلا، أو مشاهدة التليفزيون أو غيرذلك، وهكذا فإن غرفة النوم تمثل رمزية هامة بالنسبة للمرأة بصفة خاصة. إذا كيف بالله سيدة بهذه التربية وهذه الثقافة تقبل أن تُهدم أحلامها وتحبس في غرفة نوم مستقلة، مهما كانت الأسباب والمبررات.

إنما في المقابل قد تجد من يرحب بفكرة الفصل، وذلك بهدف استمرار العلاقة الزوجية بشكل أفضل، فوجود الزوجين في غرفة واحدة خاصة في بداية حياتهما ربما يؤدي إلى توتر العلاقة بشكل عام، بسبب مشاكل النوم مثلا كالشخير أثناء النوم، وكثرة التردد على التواليت، ورعاية الأطفال الرضع، أو العمل لأوقات متأخرة من الليل أو السهر مع الأصدقاء، الأمر الذي يعني الاستعداد للذهاب للعمل أو العودة منه في وقت نوم الطرف الآخر، أو أي مشكلات أخرى لأحد الطرفين، مع الوضع في الاعتبار أن استخدام الزوجين لغرفتين منفصلتين لا يعني بالضرورة وجود مشكلات من أي نوع بينهما .

ما أريده هنا هو التأكيد على الحرية الشخصية لكل زوجين، المهم في الأمر هو الاتفاق والتوافق، فما يوافقني قد لا يوافق غيري ولا يناسبه، وما أعتبره رومانسية أنا قد يعتبره غيري قلة راحة!

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x