Uncategorized

نقاب العقل!

كلما أتابع الحوار القائم الآن في مصر حول النقاب والمنتقبات، يصيبني نوع من الإحباط واليأس، الإحباط من طريقة الحوار، واليأس من الوصول إلى طرق مثلى للاستفادة من الحوارات المدنية التي من شأنها الوصول إلى أفكار ترتقي بالمجتمع وأفراده.

والحقيقة أن حوار النقاب في مصر ليس موضوعنا فقط، لكن محاولة تفنيده ما هي إلا نموذج يبدو سيئا لكيفية إدارة الحوارات المجتمعية.

وحيث إنني لست مع النقاب أو ضده، فرأيي إنها حرية شخصية لمن ترتديه، وبعيدا عن الشق الشرعي من الموضوع كونه عبادة أم عادة، فإن ملاحظات عدة أخذتها على من أقحموا أنفسهم في هذا الحوار، وحاول كل منهم من خلال هذا الحوار خلط أوراق الحق بالباطل لفرض أفكار أجندة خاصة به.

إحدى السيدات ترى أن المرأة المنتقبة صورة مخجلة تطمس هوية النساء جميعا في هذا المجتمع، بل إن هذا النقاب يحط من كرامتها ويهين إنسانيتها وينتقص منها، ولم تقل لنا -هداها الله- ما هو شعورها عندما ترى عكس صورة هذه المنتقبة، أليس عكس المرأة التي تغطي جميع جسدها، المرأة السافرة التي لا تخفي من جسدها إلا القليل، أهذا الذي يريدونه للمرأة المسلمة؟! ويالا الخجل، فصاحبة هذا الرأي ومن على شاكلتها مسلمو الديانة!!

أما زميلتها -التي تسمي نفسها بالمفكرة- فترى أن إسدال النقاب على جسد المرأة هو تجسيد رمزي للتغطية على عقلها ووجودها الاجتماعي، وهو اغتيال روحها وعقلها وذاتها، ومنعها من الوصول للمعرفة والحقيقة واختياراتها الحرة الأصيلة دون ابتزاز ديني، أي ابتزاز – أيتها المفكرة الورقية – فهل الوصول إلى الحقيقة والمعرفة لابد أن يكون بالميكروجيب، وهل الاختيارات الحرة الأصيلة لا تتم إلا بالصدور العارية!!

كاتبة أخرى تقول ألم يحن الوقت بعد ليتحد الرجال والنساء لنخرج هذه الأجساد من نقابها، ونحررها من أثقال السنين وفوضى المصير!!

ولعلي أجدني مدفوعا دفعا للدفاع عن النقاب بعد هذه الأمثلة من الحوار الدائر، تماما مثلما زادت أعداد المسلمين في الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر، فإذا كنت مضطرا لتحديد موقفي من هذا الحوار، فبالله لمن أنحاز، أأنحاز لمن لبسن برقع الحياء لله ورسوله، أم أنحاز لنسوة خلعن برقع الحياء للشيطان وقبيله، أنحاز لمن يسترن جسدهن، حتى وإن لم يكن خالصا لله، أم أنحاز لمن يمشين في الأرض فسادا بعريهن، حتى وإن صلحت نيتهن!!

لكن أكثر ما أدهشني، هو أن من يحاول تأجيج نار الفتنة أكثرهن من النساء، فأنا يمكنني أن أتفهم أن يصدر شيخ الأزهر قرارا بمنع النقاب في الأماكن الدراسية المخصصة للنساء، كما يمكنني أن أتفهم أيضا منع النقاب في بعض التجمعات خشية حدوث تجاوزات من بعض النفوس الضعيفة، لكن ما لا أتفهمه هو موقف تلك النسوة اللاتي ما إن بدأ الحوار حتى خرج ما في صدورهن من غل تجاه المنتقبات، وقلن ما نريد إلا الإصلاح!! مجرد خاطرة تحتاج لبعض التأمل..

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x