Uncategorized

مجرد كلام!

أسهل شيء على الإنسان أن يتكلم، كل شخص يتكلم في ما يعرفه ومالا يعرفه، وكل شخص يقول ما يستطيع فعله ومالا يستطيع، إذا سألت أحدهم هل يفهم في أمر ما، نظر إليك وأجاب في سخرية: بكل تأكيد أستطيع أن أفعل ذلك وأفعل أيضا كذا وكذا، وإذا أتيحت لك فرصة تقييم عمله، قد تجده أول مرة يعمل في هذا المجال، وإذا سألت آخر هل لديه خبرة في عمل ما، أجاب بلا تردد: نعم لدي خبرة طويلة في هذا المجال، ومع الوقت تكتشف أنه جاهل تماما.

إذا سألت أي شخص هل تحب الخير لمن حولك؟ يجيب: نعم بكل تأكيد، ولو سألت آخر ما رأيك في الظلم والقهر يقول: الظلم ظلمات يوم القيامة، ولا يفلح الظالمون، ولو سألت أي إنسان هل تحب الحرب والدمار؟ يجيب: طبعا لا، ولو سألت أي إنسان كيف ترى الحب والتراحم؟ يجيب: هما وقود الإنسان في هذه الحياة، والحقيقة إن هذه الإجابات التي قد يجتمع معظم الناس عليها مجرد كلمات تخرج من الأفواه ولا ترتقي إلى مرتبة الأفعال، إلا من رحم ربي، لأنه ببساطة لو أحب كل الناس الخير والحب والتراحم، وأبغضوا الظلم والقهر والحرب والدمار لما استشرت صفات الكذب والزيف والنفاق والأنانية في مجتمعاتنا، ولتحولت هذه الدنيا إلى جنة.

والحقيقة إن آفة الادعاءات ليست وليدة هذا الزمان، فمنذ بدء الخليقة والإنسان يدعي الكذب بأقواله التي لا تمت للحقيقة بصلة، وكلما تمادى الإنسان في كذبه صدق نفسه، فإذا صدق نفسه بدأ يكذب على الناس من حوله، فإذا صدقوه واصل كذبه، ثم بدأ في الكذب على الله، فيدعي كثير من الناس النبوة، وإنهم يحملون رسالة من عند رب الكون، فتجد كثيرا من البشر يتبعونهم ويؤمنون بهم، وذلك بالرغم من أن صفاتهم لا تدلل على سموِّهم، فمعظم من ادعى النبوة بالإضافة للكذب تجده إما سكيرا أو مدمنا أو زير نساء، والعياذ بالله.

ومع الوقت تزيد الادعاءات والافتراءات، فيحكي لنا القرآن الكريم قصة النمرود الذي ادعى الألوهية في عهد النبي إبراهيم عليه السلام، والذي قال أنا أحيي وأميت! كما يحكي لنا القرآن العظيم عن فرعون موسى عليه السلام، حينما قال أنا ربكم الأعلى، أما في العصر الحديث فقد ادعى شخص أمريكي النبوة في بداية القرن العشرين، فلما تزايدت أعداد مؤيديه ادعى الألوهية، حتى أصبح عدد أتباعه بالملايين!

وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x