Uncategorized

النفوس السوداء!

الطبيعي أن يحب الناس الخير للناس من حولهم، هكذا فطرنا الله، لكن من غير الطبيعي أن يكره إنسان إنسانا آخر بدون سبب، أو يؤذى إنسان إنسانا بدون أن يؤذيه، ان من يفعل ذلك لا يكون إنسانا طبيعيا، إنه إنسان مريض، لا يتمتع بنفس الصفات التي أنعم الله بها على جنس البشر، لذلك هؤلاء النوع من الناس لا يجب أن نكرههم أو ننفر منهم، ولكن يجب أن نشفق عليهم، بل وندعو لهم بالشفاء والهداية.

وحتى نكون منصفين ونتحرى الدقة، فإن بعضا من هؤلاء الناس الذين يكرهون ويحقدون ويؤذون الناس، يكون لديهم من الدوافع ما يمكن قبول تبريره، على الأقل من نواحي القصور في الإيمان والقيم والأخلاق، والتي هي من طبيعة البشر، فمثلا هذا الشخص الذي يعمل في عمل ما، وقد حصل من المزايا ما أوصله إلى وضع متميز بين رؤسائه وزملائه، ماذا يفعل إذا تم تعيين شخص آخر أكثر كفاءة منه في نفس المكان، بلا شك ستتحرك الغيرة في قلبه تجاه هذا الشخص، وحسب قوة إيمانه وأخلاقه سيتعامل مع هذه المشاعر، إما بنبذها بعيدا والهروب من مخالبها وسيطرتها، وإما بالاستسلام لها حيث ستتدرج هذه المشاعر بداية من الغضب والكره، ومرورا بتمني وقوع المصائب على رأسه كالأخطاء الجسيمة والفشل في المهام الموكلة إليه، حتى الوصل لتمنى الموت له!! نعم يتمنى له الموت حتى يطفئ نار الغيرة في قلبه، وحتى لا يتهمني أحد بالمبالغة، فإن موقفا مثل هذا شاهدته بأم عيني، وكما قلت فإن هذه التصرفات وإن كانت تبدو جنونية وغير إنسانية، فإنني قد أجد ما يبررها، وهو ما يعرف بدوافع الغيرة الإنسانية، أما ما لا أستطيع تفهمه، فهو أن يتمنى شخص مكروها لشخص آخر، لا تربطه معه علاقة عمل أو قرابة أو نسب، أو مشكلات مالية أو نسائية، أو أي علاقة أخرى تفرز نوعا من أنواع الغيرة! بمعنى أنه يتمنى الشر بدون أي دوافع تدفعه لذلك.

ولا عجب في ذلك، فقد رأيت شخصا لم يستطع أن يخفى مشاعر الفرح من وجهه عندما عرف أن كارثة ألمت بأحد الأشخاص الذين نعرفهم، وسمعت عن شخص آخر فرح عندما علم بموت زميله!

والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهناك أناس كثيرون من حولنا يسعدون إذا قرأوا خبرا عن موت عشرات أو مئات الناس في انفجار أو زلزال في بلد آخر، ويهللون عندما يشاهدون قوات الاحتلال تقمع المواطنين في فلسطين أو في العراق!

وفي رأيي ان مثل هذه التصرفات ما هي إلا مؤشر لدواخل هؤلاء الناس، نفوسهم السوداء تنضح بما فيها في تصرفاتهم وأفعالهم، وكما أن كثيرا من البشر يفعلون الخير خالصا لوجه الله تعالى، فإن هؤلاء الناس يفعلون الشر لوجه الشيطان، والعياذ بالله!

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x