Uncategorized

العلاقات الكيميائية!

عجيب أمر خلق وجه الإنسان، فعندما تنظر الى وجه شخص تراه لأول مرة، فإنك تشعر بأحاسيس متباينة، تتدرج ما بين الرضا والانجذاب والراحة وسابق المعرفة، وبين السخط والتنافر، وبين هذين الاحساسين المتباعدين جدا، توجد درجات كثيرة من الأحاسيس والمشاعر المختلفة، وذلك بدون اى مقدمات أو أسباب ملموسة، فعندما نتقابل مع مجموعة أشخاص لأول مرة، فإننا نتفحص وجه كل شخص من هؤلاء الأشخاص أولا، ثم بعد ذلك نبدأ في عمل تصنيف سريع لهم، ونضع كل واحد فيهم في خانة ملائمة لطبيعة تصنيفه، فهذا يدخل في خانة الظرفاء وأصحاب الدم الخفيف، وهذا يدخل في خانة الثقلاء وأصحاب الظل الثقيل، وهذا الشخص نميل له، وهذا الشخص نكره مجرد النظر إليه، بل والأكثر من ذلك فإن أحكاما انطباعية سريعة غير منطقية تصدر على هؤلاء الأشخاص، فهذا إنسان طيب، وهذا إنسان خبيث، وهذا غير مريح، وهذا عينه تشع مكرا، وهذا وجهه يعكس شرا، وهكذا أشعر أن لكل إنسان كودا أو شفرة معينة، تشع من لوحة صغيرة تسمي الوجه، في هذا الجهاز الذي تتجلى فيه صنيعة الخالق والمسمى بالجسد.

قرأت ان العلماء فسروا مثل هذه الظواهر الخفية، بأن مخ الإنسان يفرز إنزيمات معينة تجاه كل وجه يراه، وهذه الإنزيمات تعمل بنظام دقيق جدا وعجيب، بحيث تفرز الإنزيم المناسب للوجه الذى تراه، وسموا كل إنزيم باسمه، فإنزيم التجاذب اسمه كذا وكذلك إنزيم التنافر، وعللوا إفراز كل إنزيم بناء على وجه الشخص الذى نراه ونحكم عليه، وهو ما يطلق عليه العلماء بالعلاقات الكيميائية.

إلا أن ما يثير دهشتي هو اذا كانت هذه الانطباعات والعلاقات الإنسانية مبنية على معادلات كيميائية، ولأن المعروف أن المعادلات الكيميائية علاقات لا تقبل التغيير، فكيف تتغير هذه المعادلات من شخص لآخر، بمعنى إذا قابلت أنا وأنت شخصا نراه لأول مرة، فإن حكمنا عليه لن يكون واحدا، بالرغم من ان وجه الشخص الذى حكمنا عليه واحد!! لابد إذن ان الموضوع لا يقتصر كما يفسره علماء الأنثروبولوجيا على العلاقات الكيميائية المحددة، ولكنه يتعدى ذلك الى علاقات روحية لا يعلمها إلا الخالق سبحانه وتعالى.

لذلك فقد أخبرنا رسولنا الكريم، قبل مئات السنين قبل اكتشافات هؤلاء العلماء، بأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف، وهذا يعني أن هناك عوامل أخرى، لا يعلمها إلا خالقنا، تتحكم في هذه العملية.

ولهذه الأسباب فقد حثنا ديننا الحنيف على عدم الانجراف وراء هذه المشاعر بشكل مطلق، كأن نفضل ابناً على آخر لمجرد انجذابنا نحوه، أو نتحيز لمرؤوس لنا لا يستحق لأننا نشعر أن دمه خفيف! كما ان الإسلام شرع لنا ان ننظر لوجه المرأة عند خطبتها، بالرغم من أوامره بغض النظر، وذلك للتحقق من حدوث الانجذاب والتلاقى قبل الشروع في إتمام الزيجة.

فسبحان الله أحسن الخالقين!

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x