بعد انتخابات هي الأكثر سخونة في نقابة الصحفيين المصرية، فاز ممدوح الولي بمنصب نقيب الصحفيين المصريين، ليكون بذلك أول نقيب لهذه النقابة العتيقة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير،
وفي أول حوار صحفي له عقب توليه المنصب، شدد الولي على ضرورة احترام خبرات الصحفيين العاملين بالخارج والنظر في قبول عضويتهم في النقابة، مع دراسة جميع الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع. كما تحدث النقيب عن مشكلة الموارد المالية المحدودة للنقابة والفرق الكبير بين الإيرادات والمصروفات، وأقترح عدة حلول لزيادة الإيرادات. كما أكد النقيب الجديد على أهمية التدريب المستمر للصحفيين وترسيخ قيم الرغبة في التطوير المهني، مع التفاؤل بجيل الصحفيين الجديد الذي يسعى إلى تحسين أدائه.
◄ نبدأ بما يهم الزملاء الصحفيين في قطر وباقي الدول العربية، والذين يمارسون العمل الصحفي منذ فترات طويلة وبشكل منتظم وفي مؤسسات صحفية مرموقة، ورغم ذلك يحرمون من عضوية النقابة، هل هناك تصور لديكم للتعامل مع مثل هذه الحالات؟
► فعلا الوضع يحتاج إلى نوع من المرونة في قبول الصحفيين العاملين في الخارج بنقابة الصحفيين واحترام خبراتهم وفترة العمل التي قضوها في العمل الصحفي، خاصة وأنهم يعملون في بيئة عمل لا تقر إلا أصحاب المستويات الجيدة، وسوف ندرس هذا الملف جيدا من جميع الجوانب، لنرى ماذا يمكن أن نقدم لهم.
◄ من خلال متابعاتكم لمسيرة العمل الصحفي والإعلامي في قطر، كيف تقيم التجربة القطرية، خاصة وأنت كاتب مقال في جريدة ” الشرق ” منذ فترة طويلة؟
► لا أعتبره تقييما ولكن أعتبره نوعا من الرؤية، فالصحافة في قطر تتميز بمستوى أداء عال ينم عن وجود عقليات صحفية واعية وإدارة صحفية متميزة، خاصة في جريدة ” الشرق “، كما أن تجربة مكتب ” الشرق ” في القاهرة من النماذج الصحفية والاقتصادية الرائدة في مصر والوطن العربي، وهو أمر يجب تشجيعه لأنه مفيد لكلا الطرفين ويحقق العديد من الأهداف المهنية والاقتصادية.
ملفات شائكة
◄ ورثتم العديد من الملفات الشائكة التي يأتي في مقدمتها الملف المالي فما هي رؤيتكم في التعامل معه؟
► عندما نتحدث عن مشكلة تدبير الموارد المالية، فمن الضروري أن نتحدث أولا عن طبيعة المشكلة ، حيث أتصور أن أساس المشكلة يتمثل في أن النقابة لديها موارد محدودة، والتمغة الصحفية وأكشاك بيع الصحف التابعة للنقابة المنتشرة في المحافظات، كما تملك النقابة قاعات يتم تأجيرها لعمل الأنشطة المختلفة وكذلك مسرح النقابة، إضافة إلى اشتراكات الأعضاء التي تعد البند الأكبر من بنود إيرادات النقابة، حيث وصلت خلال العام الماضي إلى 446 ألف جنيه، وبذلك يقدر مجمل إيرادات النقابة بحوالي مليون جنيه، يقابل هذه الإيرادات نفقات تلتزم بها النقابة، وهي موزعة على شيئين أساسيين، أولهما ما يعرف باسم الأنشطة، والثاني المعاشات، التي تتطلب وحدها 6,3 مليون جنيه، أما الأنشطة، فهي تشمل الأجور والصيانة والكهرباء والمياه، وغيرها، فمثلا الأجور وحدها تصل إلى 1,4 مليون جنيه، ومن هنا يتضح الفرق بين الإيرادات والمصروفات، وهو فرق كبير وواضح لدرجة أن النقيب الجديد مهما كانت قدراته، حتى لو تمكن من مضاعفة هذا المبلغ سوف تظل الفجوة بين الإيرادات والنفقات قائمة، وهو الأمر الذي يتطلب العمل في أكثر من مسار، بداية من عمل قانون تمغة جديد لتعظيم حصيلة التمغة، ومخاطبة المؤسسات الصحفية لتعظيم تحصيل المبالغ المستحقة عليها، فضلا عن السعي لعمل أكشاك صحف جديدة، لأن الإيجارات المستحقة على الأكشاك الحالية يصعب زيادتها، كما أن المطالبة بزيادة الاشتراكات السنوية من أكبر المشكلات، لأن الصحفي يريد أن يحصل على كل الخدمات دون أن يدفع مقابل هذه الخدمات، أما بالنسبة للقاعات فإننا نحاول عمل كتالوج لتسويقها كما هو متبع في الفنادق، أما المحور الثالث فيتعلق بالبحث عن موارد جديدة سواء أكانت تقليدية أو غير تقليدية، فالتقليدية مثل التفكير في عمل أنشطة ومباريات كرة قدم، هذا بالإضافة إلى محاولة الحصول على دعم من كبار الصحفيين ومن المؤسسات الصحفية، وكذلك الشركات والبنوك، أو عن طريق عمل رعاية لبعض الأنشطة من خلال رجال الأعمال والشركات، والبحث عن كل ما هو مورد، كل ما يمكن أن يحقق دخلا، فمثلا، واجهة النقابة المطلة على كوبري أكتوبر، يمكن تأجيرها لوكالات الإعلانات لعمل إعلانات عليها، كما توجد 3 أدوار بالنقابة شاغرة منذ عام 2002 يمكن تأجيرها.
◄ هل سيوافق مجلس النقابة على مثل هذه الإجراءات، خاصة في ظل وجود مجلس متباين الاتجاهات؟
► أنا أرى أن الضغط المالي يحتم على مجلس النقابة السير نحو طريق التآلف، فمن الممكن مثلا أن نختلف في بعض الأمور السياسية أو في الرؤية الصحفية والمهنية، أما بالنسبة للأوضاع المالية، فهي ضاغطة على الجميع، لأن الأمر بلغ درجة عدم القدرة على دفع نصيب النقابة من تكلفة علاج الصحفي، لذلك نحن في حاجة إلى مهلة نستطيع من خلالها تدبير الموارد المالية اللازم لتغطية هذه النفقات.
◄ ما أكبر العوائق التي تواجه النقابة في الفترة القادمة؟
► العائق الكبير في الحقيقة، يتمثل في قبول البعض لهذه الأفكار الجديدة، فالبعض مثلا يرى أن مجرد وضع إعلان على واجهة النقابة يمثل إخلالا بقدسية المبنى، وهو ما يمكن أن يعتبره البعض متنافيا مع أصول المهنة، كما أن البعض يرى أن مجرد تأجير القاعات لأحزاب أو حركات يعد تأييدا من النقابة لآراء هذه الأحزاب أو الحركات، في حين أن الحقيقة هي أن النقابة لا علاقة لها بطبيعة من يؤجر هذه القاعة مثلها مثل الفندق تماما.
◄ على ذكر الأوضاع الاقتصادية، ماذا عن أوضاع الصحفيين الاقتصادية، خاصة العاملين في الصحف الخاصة؟
► النقابة بالفعل عازمة على البحث عن حلول لهذه المشكلات، ولكن لابد وأن نكون واقعيين ونحن نطالب الصحف الصغيرة بالتحسين، بمعنى أن الوضع الاقتصادي أيضا سوف يمثل عائقا لأن هذه الصحف تعتمد بنسبة كبيرة على الإعلانات، ومع الوضع الاقتصادي المتأزم لا توجد إعلانات ولا يوجد توزيع بنفس المعدلات السابقة، كما أن النقابة عازمة بالنظر في ظروف العمل التي يعاني منها قطاع كبير من الصحفيين العاملين بالمؤسسات الصغيرة، مع الوضع في الاعتبار أن كثيرا من هؤلاء الصحفيين على قدر كبير من المهنية.
تطوير الذات
◄ ماذا عن المستوى المهني للصحفيين ودور النقابة في الارتقاء بمستوى الأداء الصحفي؟
► في الحقيقة الجيل الجديد من الصحفيين لديه رغبة أكبر في تطوير ذاته، ولكن على الرغم من ذلك نحن في حاجة إلى فترة وجهد كبير للتبشير بهذا الفكر الذي يعد بالنسبة للبعض جديدا، ممن لا يهتمون بتطوير أنفسهم ومن يعتبرون العمل الصحفي مجرد مهنة، لذلك نحن في حاجة لترسيخ قيم الرغبة في التدريب على اعتبار أنه غير مرتبط بسن، لكنني في الوقت ذاته متفائل بالجيل الجديد لأن المنافسة تدفعه للبحث عن تجويد أدائه الصحفي، هذا بالإضافة إلى أن عمل بعض الصحفيين في الوكالات والمكاتب العربية والأجنبية يعد نوعا من الاحتكاك المباشر بأنماط صحفية جديدة بما يعني توسيع دائرة الخبرة والاستفادة مما هو موجود في الخارج.
◄ بمناسبة الحديث عن الاحتكاك الخارجي، هل النقابة عازمة على الانفتاح بشكل كبير على الخارج من خلال اتفاقات تعاون أو غير ذلك ؟
► التعاون العربي والعالمي شيء مطلوب ومفيد للغاية، لكننا كنا دائما نواجه مشكلة الدعم المالي، لذلك نحن في حاجة إلى تنسيق أكبر يضمن التغلب على هذه المشكلة مع اتحاد الصحفيين العرب واتحاد الصحفيين الأفارقة وجهات دولية راعية للتعاون الصحفي والبحث عن منفذ يمكن من خلاله العبور إلى التعاون المشترك بصورة أفضل
التعاون الخارجي
◄ ما هو شكل العلاقة الآن بين نقابة الصحفيين واتحاد الصحفيين العرب واتحاد الصحفيين الأفارقة؟
► حاليا العلاقة موجودة، لكنها كيانات هادئة، لأنه لا يوجد التفعيل الكبير في الحركة الصحفية، حيث لا يشعر الصحفي بنتائج ملموسة تعود عليهم مباشرة سواء من اتحاد الصحفيين العرب أو اتحاد الصحفيين الأفارقة، والمسؤولية في الحقيقة تقع على الطرفين، الطرف الصحفي لأنه لا يسعى إلى التواصل مع هذه المؤسسات، وعلى الجانب الآخر هذه المؤسسات مجرد مستقبل يعمل دورات تدريبية تقليدية.
◄ النقابة كمؤسسة معنية بالجانب المهني في المقام الأول، ما هي الخطوات التي تقوم بها للارتقاء بمستوى المهنة؟
► لدينا محوران في غاية الأهمية يجب أن يسيرا بالتزامن، الأمر الأول يتعلق بمعاهد التدريب، التي تتسم بالمؤسسية، بحيث لا يقتصر التدريب على مجرد دورات تدريبية، المحور الثاني لجنة تفعيل ميثاق الشرف الصحفي التي يمكن من خلالها تحقيق ضبط أداء الصحفيين، والعمل على أن تكون نقابة الصحفيين هي المرجعية في محاسبة أخطاء الصحفيين، لأننا نرفض وبشكل قاطع إحالة الصحفيين للتحقيق أمام النيابة العسكرية، ولكن نقترح أن يتم التحقيق مع الأخطاء الصحفية من خلال النقابة، لأننا الأدرى بطبيعة المهنة.
◄ الحديث عن محاسبة الصحفيين يفتح لنا الباب للتطرق للحديث عن قانون النقابة؟
► في الحقيقة قانون النقابة يحتاج إلى تغيير أكثر من 90% من مواده، لأن القانون في كثير من مواده مبني على كيانات لم يعد لها وجود على أرض الواقع، كأن يكون نقيب الصحفيين عضوا في الاتحاد الاشتراكي ويعطي دورا إشرافيا لوزير الإرشاد القومي، وغير ذلك من الكيانات التي لم يعد لها أساس على أرض الواقع، لكن على الرغم من ذلك توجد مادتان أنا شخصيا أتمسك بهما، وهما المادة التي تعفي كافة الأنشطة التي تقوم بها النقابة من الضرائب والرسوم، وكذلك إعفاء صندوق المعاشات من كل الضرائب والرسوم، ما عدا ذلك يتطلب تغييرا جذريا.
◄ لماذا لا توجد مبادرة من نقابة الصحفيين بعمل مشروع للنقابة ثم عرضه على الجهات المعنية لإقراره؟
► بالفعل قام أحد المراكز المتخصصة بعمل مسودة للقانون، سوف نطلع عليها وعلى غيرها لإقرار المناسب منها.
◄ من الذي سيقره؟
► نقوم حاليا بتشكيل لجنة متخصصة في التشريعات تضم الزملاء المحررين البرلمانيين وبعض الخبراء القانونين، على أن تقوم بطرح ما تقوم به على عموم الصحفيين.
◄ هناك تخوف لدى البعض من أن تكون التشكيلة النهائية لمجلس النقابة الحالي عائقا أمام إقرار بعض التشريعات أو تنفيذ بعض القرارات؟
► البعض بالفعل يتخوف من سيطرة تيار بعينه، لكنني أرى أن قصر مدة المجلس، سوف تجعل كل واحد من الزملاء مشغولا بالملف الذي يتولاه، لأنه لا يوجد وقت للاختلاف.
◄ هناك تخوف آخر من أن تكون مدة العام ونصف العام تجعل من المجلس، عبارة عن مجلس انتقالي لا يعني بالتطوير والتحديث؟
► هذا التصور يرجع لطبيعة الشخص نفسه، فهناك من يقتصر أداؤه على ما يمكن أن نطلق عليه الأداء الوظيفي، في حين أنه يوجد وفي المقابل من يقوم بعمل نقابي ولديه رؤية ابتكارية وهدف يسعى لتحقيقه، وأعتقد أن دور النقيب سوف يتمحور في الخروج من شرنقة العمل الروتيني.
نقابة الثورة
◄ رغم أن نقابة الصحفيين تتميز بأنها تضم المثقفين، إلا أنها عيب عليها في الفترة السابقة أنها تغيبت عن المشهد السياسي، فكيف يمكن استعادة هذا الدور المفتقد؟
► حتى نكون صرحاء، يجب أن نعترف بأنه كان يوجد شبه اتفاق بين الحكومة وبين النقابة على وجود عطية مادية سنوية، بالإضافة إلى زيادة في بدلات الصحفيين، مقابل الصمت على المشاركة السياسية، بالتأكيد هذا الوضع اختلف بعد الثورة، والذي أستطيع أن أؤكده أن مجلس نقابة الصحفيين لن يصمت وهو يرى رقيبا عسكريا في الصحف، ولن يصمت مجلس النقابة وهو يرى مصادرة أعداد من الصحف ومداهمة قنوات فضائية أكثر من مرة، الأمر الآخر، ونقابة الصحفيين دورها هنا أن تقيم علاقة متوازنة مع السلطة، بحيث لا تكون تصادمية ولا تكون مستسلمة.
◄ كيف إذن تتصورون هذه المشاركة الفاعلة والنقابة بلا بوق إعلامي يعبر عنها؟
► بالفعل نحن في حاجة بعد إعادة ترتيب الأوراق إلى ضبط بعض الأدوات، فألف باء العمل المهني، أن تكون متابعات الصحفيين لأخبار نقابتهم عن طريق موقع يتم تحديثه بصورة تمكن الصحفيين من متابعة أخبار النقابة، هذا بالإضافة إلى ضرورة وجود دورية، وكان لدى النقابة بالفعل مجلة “الصحفيون” ولكنها توقفت منذ فترة، ولكني أتصور أن نعيد إصدارها مرة أخرى على أن يكون الإصدار إلكترونيا، نظرا لقلة الإقبال على الورقي وتكلفته العالية، كما أن لدينا عرضا من أحد الزملاء لعمل فضائية في شكل مساهمات من الصحفيين، ونحن بذلك نفتح باب إمكانية عمل كيانات اقتصادية داخل النقابة من خلال الأسهم.
◄ أحد منافسيك في انتخابات النقابة تحدث عن جائزة يتبناها أحد شيوخ الصحافة في مصر، فهل المشروع مستمر أم مات بإخفاقه في الانتخابات؟
► أنا بالفعل سوف أسعى من خلال هذا الزميل لمعرفة إذا ما كان الصحفيون هم المعنيون بهذه الجائزة فهذا شيء جيد سوف نسعى لإتمامه، لأن المشروع لم يكن هدفه المرشح بقدر ما يهدف لاستفادة الصحفيين، لذلك نأمل أن يكون العرض مستمرا ونحن نأمل في أن تكون هذه العطية قائمة وأن يتم المشروع.
◄ هل يعني ذلك أنك مستعد للتعاون مع المنافسين لك في الانتخابات السابقة؟
► وبالتأكيد أنا أرحب بتعاونهم وأسعى إليه مع كامل التقدير والاحترام، لأن هذا التعاون من شأنه أن يحقق ما فيه صالح النقابة.
◄ لجنة القيد في النقابة تمثل هاجسا لدى شباب الصحفيين، خاصة وأن البعض يتهمها بالخضوع لأهواء أعضاء اللجنة، فما حقيقة ذلك؟
► ربما توجد بعض الانتقائية بين الصحف القومية والصحف الصغيرة، نظرا لثقة اللجنة في استقرار الأوضاع في الصحف القومية، لأنه يعتمد على معيار الانتظام الذي لا يتوافر لدى الصحف الصغيرة التي يزيد فيها معيار التعطل والتوقف، وغالبا ما تكون لجنة القيد معذورة لأن الأعداد التي تقدمها بعض الصحف لا تتناسب مع حجمها، لكن الأهم الآن هو المستوى المهني، لذلك أرى ضرورة وجود لجنة لتقييم المتقدمين للجنة القيد من كبار الصحفيين.
◄ هل تخططون لزيارة المصريين العاملين في الصحف العربية بوجه عام وفي قطر بوجه خاص؟
► بالتأكيد لدي رغبة أكيدة في زيارة الزملاء بالخارج، خاصة في دولة قطر التي يوجد بها عدد كبير من الصحفيين المصريين، وأيضا للتعرف على مستجدات العمل الصحفي وزيارة المؤسسات الصحفية.
* شارك في إجراء الحوار: الزميل أ. محمد الشرشابي.