قال معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إن قمة الدوحة ليست قمة استثنائية، لكنها لخطورة الأحداث والتطورات التي تمر بها المنطقة العربية، فإنها تنعقد في ظرف خاص جدا، يمنح هذه القمة أهمية وخطورة، لأنها تعالج قضايا مهمة جدا، مثل المصالحة العربية، والمصالحة الفلسطينية، والوضع الإقليمي في المنطقة، والعلاقات بين دولها وغيرها.
وقال موسى في حواره: إن المصالحة والعلاقات العربية والمصالحة الفلسطينية، بالإضافة إلى أزمة السودان، لها أولوية كبيرة في أجندة أعمال القمة القادمة، مشيرا إلى أن المصالحة العربية أمر هام على الطريق نحو تهدئة الأمور، ونقل العلاقات العربية – العربية نقلة نوعية من التوتر إلى الهدوء.
وأوضح موسى أن الخلافات أو الاختلافات لا مانع منها ولا يمكن تجنبها، لأنه من الطبيعي أن تكون هناك وجهات نظر متباينة في كيفية معالجة القضايا، لكن هذا لا يجب أن يكون بحملات وخلق للضغينة، يجب أن يكون الاختلاف على الموضوعات وليس خلافات شخصية.
ووصف الأمين العام الوضع في العالم العربي عشية العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه كان مقبلا على فوضى عارمة، وكان من الممكن أن يحدث انفجار كبير في ظل الوضع المتوتر في ذلك الوقت، وأرجع ذلك إلى عجز العرب في التعامل مع العدوان على غزة بالشكل الضروري واللازم، مؤكدا أن مبادرة خادم الحرمين خلال قمة الكويت الاقتصادية أنقذت الموقف ونجحت في تهدئة الأمور، منتقدا في الوقت نفسه تصنيف البعض للدول العربية خلال العدوان على غزة وبعده إلى دول الاعتدال ودول الممانعة، موضحا أن هذه التسميات غير موضوعية وليس لها فائدة ولا معنى.
كما انتقد موسى الذين يقولون إن المصالحة العربية جاءت بضوء أخضر من الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة أوباما، وقال هل كان خادم الحرمين في انتظار ضوء أخضر من أمريكا أو غيرها حتى يطرح مبادرته للإصلاح بين الدول العربية؟!
وأعرب موسى عن أسفه لوجود نوع من ازدواجية المعايير من جانب المحكمة الجنائية الدولية في التعامل مع أزمة دارفور، مقارنة بتجاهل المحاكمة لمجرمي الحرب الإسرائيليين، مشيرا إلى أن الجامعة تبذل جهدا كبيرا في تلك القضية بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، وتسعى إلى وقف التنفيذ لكل الاتهامات لمدة سنة طبقا للمادة 16 من نظام هذه المحكمة، خاصة أن الحكومة السودانية عبَّرت عن رغبتها في الاستمرار في حوار المصالحة في الدوحة مشيدا بالنشاط القطري في هذا المجال.
وبالنسبة للحوار الفلسطيني في القاهرة، أعرب عن أمله في نجاح الفصائل الفلسطينية في تسوية الخلافات والاتفاق على كل الموضوعات، مؤكدا أن هناك اختراقات حدثت بالفعل، لكن الاتفاق الأساسي الشامل لم يتم بعد، موضحا أن المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تجرى الآن، هي حائط الصد أمام التدخلات الخارجية والأصابع والمصالح الخارجية التي أصبحت تهدد الكيان الفلسطيني، والمصالحة الفلسطينية سلاحنا جميعا لوقف هذه التدخلات.
وأكد موسي أن إيران دولة شقيقة وليست عدوا داعيا إلى حوار عربي – إيراني جماعي لتصفية الخلافات بين الجانبين، وقال إن العرب جاهزون لملء الفراغ في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية مؤكدا أن العرب لم يغيبوا عن الساحة العراقية وهناك الآن 9 سفارات عربية في بغداد.
* كيف تسير تحضيرات الأمانة العامة للجامعة العربية لقمة الدوحة التي تعقد نهاية مارس الجاري؟
** التحضيرات جارية وأستطيع أن أقول إننا انتهينا منها بالفعل وآخر شيء نحن بصدد عمله هو اجتماع هيئة متابعة تنفيذ القرارات في دمشق وفريق الجامعة سوف يسافر إلى دمشق بهدف إنهاء الإعدادات النهائية لتسليم رئاسة القمة من سوريا إلى دولة قطر.
* ما أبرز الملفات المطروحة على قمة الدوحة؟
** هي الملفات المعروفة التي شغلتنا في الأيام الأخيرة ومن قبل وتتمثل في النزاع العربي – الإسرائيلي والوضع الإقليمي والسودان والعراق والبنود التنموية والبنود الثقافية وهذه أجندة معلنة وليست سرية لكي يتم إعلانها بعد موافقة القمة عليها، وطبعا هناك أولويات سوف تفرض نفسها على هذه البنود.
بنود رئيسية
* ما المأمول عربيا من قمة الدوحة؟
** هناك أمور جدَّت في البنود الرئيسية مثل المصالحة العربية والعلاقات العربية – العربية والمصالحة الفلسطينية وكذلك العلاقات العربية- الإقليمية التي تخص الوضع الإقليمي كله وهي مسألة مهمة وهذان الأمران بالإضافة إلى موضوع السودان لها أولوية كبيرة في أجندة أعمال القمة القادمة.
* هل ستتم دعوة رؤساء أو قادة من خارج المنطقة العربية؟
** لا لن يتم هذا لأنه لا وقت للاحتفاليات، ولكن هناك تمثيل للأمم المتحدة والمنظمات العربية والإفريقية ورئيس المفوضية الإفريقية في الاتحاد الإفريقي وأمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي وربما مفوض العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا وهناك بعض المراقبين على مستوى وزراء الخارجية يشاركون لكن ليس لهم حديث في القمة.
* كيف تنظرون للمصالحات العربية في ضوء الاجتماع الرباعي الذي شهدته الرياض مؤخرا؟
** المصالحة العربية مهمة على الطريق نحو تهدئة الأمور ونقل العلاقات العربية- العربية نقلة نوعية من التوتر إلى الهدوء، والخلافات أو الاختلافات لا مانع منها لأننا لا نستطيع تجنبها باعتبار أن هناك وجهات نظر تتصل بهذه الموضوعات الهامة وربما تتعلق بكيفية عمل هذا الإجراء أو ذاك لكن هذا لا يجب يتطور إلى حملات وسباب وخلق للضغينة والمهم إذا اختلفنا أن نختلف موضوعيا أي على موضوعات، ولكن علاجها أو تناولها يتم دون اتهامات متبادلة.. هذا أمر يجب أن ينتهي لذلك قدمت ورقة إلى مجلس وزراء الخارجية رسميا تحمل عددا من البنود التي يجب أن تناقشها وأن يتم التفاهم بشأنها عربيا حتى نتمكن من اتخاذ مواقف أو ننظم الاختلاف ويصبح الأمر موضوعيا وليس شخصيا.
* كيف يمكن أن تتم مثل هذه المعالجة؟
** بالمناقشة الهادئة والتشاور الموضوعي وإعمال حسن النيات، ومبادرة المصالحة القائمة توفر الإطار الذي يخدم ذلك التوجه.
فوضى ضاربة
* هل بدأ العرب يدركون حجم التحديات التي تواجههم مما يفرض عليهم التوحد لمواجهتها؟
** طبعا بدأوا.. وإلا تصبح الكارثة كارثتين.. كارثة الضعف وكارثة الجهل، والواقع أننا كنا قد وصلنا قبيل اجتماع قمة الكويت والأيام السابقة عليها وخلال القمة التي عقدت في قطر إلى وضع توتر هائل ووصفت هذا الوضع آنذاك بالقول إن الفوضى ضاربة في العالم العربي كله، وإن الوضع أصبح غير مقبول بالمرة وكاد النظام العربي يسقط في لحظة لا ندري ماذا يكون بعدها، نعم من الضروري أن يتطور النظام العربي وأن يتطور جذريا لكن تطوره لا بد أن يتم في إطار وأن يكون الأداء رصينا وجريئا وعاقلا أما هذا الوضع فكان من الممكن أن يحدث انفجارا كبيرا دون حساب النتائج، وخصوصا في ظل الوضع المتوتر في ذلك الوقت بسبب العدوان على غزة وعجز العرب عن التعامل معه بالشكل الضروري واللازم. ثم جاءت بعد ذلك مبادرة خادم الحرمين خلال قمة الكويت الاقتصادية وفي لحظة حاسمة حقا ونجحت في تهدئة الأمور وكان اجتماع الرياض هو النتيجة الأولى لهذه المبادرة وسوف تتواصل المصالحات واللقاءات العربية فيما نرجو جميعا.
* ما الضمانات التي تحول دون حدوث انتكاسة جديدة؟
** نحن لم نبدأ بعد حتى نتكلم عن انتكاسة، خاصة إذا حسنت النيات.. هذا السؤال أشبه بمن يقوم برحلة ويقول ما الضمان حتى لا تقع حادثة.
مرجعية القمة
* هل تسعى الجامعة إلى إيجاد مرجعية لحل أي خلاف بين الدول العربية؟
** المرجعية هي القمة وهي المجلس الذي يجمع الكل وهناك مواقف ومشاكل يجب أن يكون لها قيادات عربية تنشغل بها وقد يختلف هذا من موضوع إلى آخر.
* كيف يمكن تفعيل هذه المرجعية خاصة أن خلافات حدثت بالفعل وصنفت بعض الدول بدول الاعتدال في مقابل دول الممانعة؟
** هذه التسميات لا أراها موضوعية ولا أعتقد في فائدتها ولا أجد لها معنى، وهذه التقسيمات جاءت في الأساس من خارج المنطقة العربية، فكلمة الاعتدال والمعتدلين اخترعتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ولا أعرف من الذي اخترع مصطلح الممانعة؟ وفي أي شيء تكون هذه الممانعة؟ وأيضا فيم يكون الاعتدال؟ ونحن يجب ألا نسقط في شرك هذه التسميات وللأسف البعض يفرح بتلك التسميات ويعتقد أنه جزء من هذا أو من ذاك، الأمر الذي يضحك ويبكي على هذا الهزل، هذا الكلام فارغ ولا قيمة له ولا يجب إضاعة الوقت فيه لأن الدول العربية أمامها مشاكل ضخمة للغاية تتعلق بالوجود، ومشاكل أمنية كبيرة وانقسامات خطيرة في المذاهب الدينية، وهذا يحتم علينا أن نكون جادين ونتعامل مع هذه المشكلات بشكل موضوعي، ونكون عاقلين، وليس معتدلين أو ممانعين بالمعاني المختلفة التي يحملها اللفظان.. علينا أن نجتمع ونناقش ونحدد المصالح ونقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف لنستفيد من هذا وذاك وفي نفس الوقت يجب أن نبتعد عن النواحي الشخصية لأنها تؤدي إلى ضرر كبير جدا وتجعلنا نتراجع إلى الخلف، وإذا كنا نريد أن نتقدم إلى الإمام فيجب أن نعالج خلافاتنا بطريقة موضوعية.
التعليمات الخارجية
* هناك من يرى أن المصالحة العربية تمت بعد أن جاءت إدارة أمريكية تؤمن بالانفتاح على أطراف عربية أخرى بمعنى أن هناك ضوءا أمريكيا لتحقيق المصالحة العربية.. كيف تنظرون إلى هذا الطرح؟
** وهل كان هناك دائما ضوء أمريكي بوجود مصالحات، وضوء أمريكي باندلاع خلافات عربية؟! قد تكون هناك سياسة أمريكية أدت إلى هذه الخلافات ولا أستبعد العناصر السلبية التي طبعت سياسة الإدارة الأمريكية السابقة في إذكاء الخلافات بما في ذلك موضوع إيران وموضوع فلسطين وإسرائيل والتقدم معها وضغطها على بعض الحكومات لتتعامل بطريقة ألطف مع بعض الإسرائيليين وهكذا، لكن لا يجب تعليق الخلافات العربية على شماعة أمريكية دائما.. الخلافات لها أسباب عربية أيضا وأسباب إقليمية تتعلق بما يحدث في العالم العربي دون أن يتعلق بضوء أحمر أو ضوء أخضر يأتي من الخارج، وعندما نبدأ السير في طريق المصالحة لا يصح أن نقول إن هذا جاء بضوء أخضر من أمريكا فهل الملك عبد الله خادم الحرمين كان في انتظار أن يأتيه ضوء أخضر من الخارج حتى يتحرك ويطرح مبادرته لتحقيق المصالحة العربية، القرآن الكريم نفسه يدعونا للمصالحة.. مصالحنا تدعونا للمصالحة.. هل نحتاج في هذا إلى نصيحة…؟
تدخلات
* لكن الواقع يشير إلى أننا سرعان ما نقع في الخلافات بمجرد وجود تدخلات خارجية.. كيف يمكننا التغلب على هذا الوضع؟
** هناك تدخلات خارجية دون شك بسبب ضعف النسيج السياسي العربي مما يؤدي إلى تدخلات خارجية وأثر هذه التدخلات يختلف من دولة إلى أخرى وأدت التدخلات إلى أضرار كبيرة جدا، وإصلاح العلاقات العربية وتحقيق المصالحة يتطلب أن تكون لنا مواقف محددة إزاءها مثل الموقف العربي إزاء المبادرة العربية للسلام فالبعض من القوى الخارجية طالبنا بالفعل بتنفيذ التطبيع الموضوعي في المبادرة وكان الأمريكان في الإدارة السابقة يريدون تنفيذ التطبيع فرددنا بموقف جماعي وقلنا إن هذا مرتبط بالخطوات التي تتخذها إسرائيل وتم إبلاغهم بالرفض العربي الرسمي ولا يمنع هذا أن تكون قد حدثت بعض الخطوات البسيطة التي قد توحي بالتطبيع وإنما كانت خارج السياق، وعلى كل فالإسرائيليون أنفسهم لم يتركوا لنا فرصة لأنهم أهانوا العرب، ولم يقيموا لهم حسابا فكيف نقبل بضغوط تزيد الأمور سوءا وتضيف إلى الإهانات الموجهة إلينا.
مبادرة السلام
* إذن ما الداعي لوجود مبادرة السلام إذا كان الإسرائيليون مستمرين في إهانة العرب؟
** هذه المبادرة قلنا إن الموقف العربي سوف يتغير منها وقلنا إن موقفنا هو أن هذه المبادرة قائمة، ولكن ليس لفترة طويلة وأتصور أننا إذا وصلنا إلى 31 ديسمبر 2009 ونظرنا إلى ما حدث خلال هذا العام ورأينا أن شيئا لم يحدث وأن المستوطنات مستمرة وحصار غزة مستمر والحفريات وتهويد القدس مستمر هنا يكون لا بد من النظر في الموقف العربي بكامله.
* هل تؤملون كثيرا في سياسة أمريكية مختلفة؟
** يجب أن نعطي الإدارة الأمريكية الجديدة الفرصة، إن حسن إدارة الأمور في السياسة يقتضى أن أرى أي طريق سوف تسلكه الإدارة الأمريكية الجديدة وهي التى لها دورها في كثير من مناطق العالم، ومنه العالم العربي والخليج بصفة خاصة.. لديها شيء جديد أم لا؟ لذلك أقول إن عام 2009 أصبح عاما مهما.
* هل هذا العام بمثابة اختبار للإدارة الأمريكية؟
** انتظار وليس بالضرورة اختبارا، وأعتقد أننا لن ننتظر طويلا لأن المفروض أن تتضح سياسة الإدارة الجديدة وقد حدثت بعض المؤشرات من هذه الإدارة مثل تعيين ميتشيل مبعوثا للسلام في الشرق الأوسط وهو شخصية محترمة يختلف تماما عن الممثلين السابقين من الإدارة الأمريكية السابقة وهذا مؤشر لا بأس به، ولكن المهم هو السياسة الأمريكية نحو النزاع العربي-الإسرائيلي وهو ما يتضح بعد.
المؤامرة
* لا نكاد نغلق أحد الملفات في العالم العربي إلا ويظهر أو يفتح ملف آخر، آخرها مذكرة توقيف الرئيس السوداني عمر البشير.. هل هذا يجعلنا نقول إن هناك استهدافا ومخططا ضد العرب؟
** نظرية المؤامرة موجودة لم يخترعها العرب فهناك تآمر وهناك مناورات لكن أيضا ليس دائما أن كل شيء وراءه بالضرورة مؤامرات، لكن لا تستبعد أيضا وجود مواقف معينة ضد العرب، من ناحية أخرى فإنه لا شك أن ما حدث في دارفور غير مقبول وهناك أوضاع غير مقبولة في هذا الإقليم ومنذ بداية النزاع الذي حدث في دارفور بصرف النظر عن دوافعه أو من وراءه فإن الخلاف الموجود وما حدث هناك خلال السنوات الماضية يقتضي وقفة للتعرف على ما جرى وأسباب استمرار هذا الوضع على ما هو عليه ونحن عملنا والجامعة العربية كانت نشطة في هذا الموضوع منذ اليوم الأول فقد شكلت الجامعة العربية أول لجنة تحقيق في أحداث دارفور وأكدت هذه اللجنة أن هناك إجراءات مثلت خرقا لحقوق الإنسان ويجب العناية بها بسرعة ومواجهتها فوريا لكنها أكدت عدم وجود ممارسات لتطهير عرقي على عكس ما كانت تقول به أوساط في الكونجرس الأمريكي، وهذا القرار هو الذي جعل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة يلتزمان بإطار تقرير الجامعة العربية وقد ذهبت إلى دارفور شخصيا وتفقدت معسكرات اللاجئين والمدارس والمستشفيات وغير ذلك وكان وقتئذ زوليك (مدير البنك الدولي حاليا) نائبا لوزير الخارجية وكان موجودا في مطار الفاشر واتفقنا أن هناك تقدما تحقق في دارفور فالقوات الإفريقية موجودة والمعسكرات في وضع لا بأس به والحياة واحتياجاتها موجودة، وكان اتفاق أبوجا قد تم توقيعه وكانت هناك درجة من التطور في التعامل مع هذا الموضوع ولكن كانت هناك أصابع تلعب في الخفاء وربما أيضا السياسة الداخلية لم تكن كافية فموضوع دارفور كان فيه أخذ ورد وتحقق تقدم باتفاق أبوجا بإرسال قوات من الأمم المتحدة ثم القوات الهجين التي اقترحها كوفي عنان وقد اتفقت مع الحكومة السودانية في يوليو من العام الماضي بعد ثلاثة أيام من صدور قرار مطالبة الادعاء وتوصلنا إلى ما سمي بحزمة الحل منها إجراءات تتخذ سواء في المجال القضائي الداخلي في السودان وبالنسبة لدارفور وبالنسبة للجيران وبالنسبة للأمم المتحدة. وأبلغت الاتفاق إلى بان كي مون وعلم به عدد من الدبلوماسيات العالمية وكان المأمول أن يؤدي تنفيذها إلى انفراجة إلا أن ذلك لم يحدث وقد ذهبت منذ أسبوع إلى الخرطوم واجتمعت مع الرئيس البشير ونائب الرئيس ووزير العدل وغيرهم وننتظر خطوات تتخذ خلال الفترة القادمة تجعلنا نستند إليها في تحركاتنا للتعامل مع هذه المشكلة الخطيرة والمبدأ الذي تسير عليه الجامعة العربية في هذا الصدد بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي هو أن نعمل على تحقيق العدالة من ناحية والحفاظ على استقرار السودان من ناحية أخرى، أي تحقيق العدالة في دارفور والحفاظ على السيادة والاستقرار في كل ربوع السودان.
القانوني الجنائي
* معالي الأمين العام.. إذا كان هناك تقدم قد حدث، فلماذا صدرت مذكرة توقيف الرئيس البشير؟ وهل ترون أن وراءها دوافع أخرى؟
** المذكرة صدرت بشأن جرائم تدعي حدوثها لكن الطريقة التي نواجهها بها تقوم على أننا نريد وقتا لا لقتل العدالة وإنما لتحقيقها، بل وتشذيبها من أي شبهات سياسية وحتى نتفاهم معا سواء المحكمة الجنائية أم مجلس أمناء الاتحاد الإفريقي أو الجامعة العربية أو السودان على أساس وقف التنفيذ لكل الاتهامات لمدة سنة طبقا للمادة 16 من نظام هذه المحكمة وخلال هذه الفترة تتم محاكمة المتهمين، وهناك قائمة تضم 51 اسما بل ربما أكثر يجب محاكمتهم في السودان بعد تعديل القانون الجنائي وهو أحد عناصر حزمة الحل العربية-السودانية وتعديل القانون الجنائي السوداني يشمل هذه الجرائم حتى تتم محاكمة هؤلاء الأشخاص على أساسها ويحقق العدالة مما يسمح في الوقت نفسه للحكومة السودانية بالاستمرار فيما تم الاتفاق عليه من قبل، أي إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في منتصف هذا العام والإعداد للاستفتاء الخاص بوحدة الشمال والجنوب بعد ذلك، وعدم النظر إلى هذه الأمور مسألة خطيرة جدا ولا ينبغي وضع هذه الأمور في يد جهة ما ولو قضائية لأن لها تداعيات خطيرة على استقرار ووحدة السودان وأرى أن الحل هو وقف تنفيذ القرار لمدة عام.
* أشرتم في حديثكم إلى زيارتكم إلى الخرطوم والتقاء الرئيس البشير.. هل هناك جهد تقوم به الجامعة ممثلة لكل الأطراف العربية لإيجاد مخرج؟
** الجامعة العربية مكلفة بهذا بمقتضى قراراتها الخاصة بالسودان وبصفة خاصة بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، وسيتم تشكيل وفد مشترك من الجامعة والاتحاد في وقت ما للذهاب إلى مجلس الأمن الآن وكذلك القيام باتصالات مشتركة ونحن على اتصال وتنسيق شبه يومي.
ازدواجية
* في الوقت الذي تتم فيه ملاحقة الرئيس البشير بزعم وجود جرائم حرب في دارفور، هناك مجازر ارتكبت في فلسطين وهناك مجرمو حرب إسرائيليون لم تتم ملاحقتهم.. ألا ترون أن هناك ازدواجية معايير من جانب الجنائية الدولية؟
** هذا أدى إلى شك كبير في نفوسنا وعقولنا جميعا ولدى كثير من الدبلوماسيات العالمية، وأنا على اتصال جيد بها، وكثيرون يرون أن هناك ازدواجية في المعايير الدولية وأيضا في معايير الاتهام نفسه فهل ما ارتكب في دارفور قامت به الحكومة فى رأي المدعي العام أم أن هناك متهمين آخرين؟، إذن موضوع ازدواجية المعايير حاضر في أذهان الكل وأعتقد أن المحكمة الجنائية الدولية على ضرورتها -لأنها تمثل تطورا في القانون الدولي- يجب أن تتبع معايير ثابتة وإلا احترقت وهي الآن كل العيون مسلطة عليها والكثيرون ينظرون إليها بشك.
* إذن أنتم ترون أن هناك دوافع أخرى في تلك القضية؟
** لا أريد أن أدخل في اتهام مباشر الآن، لكن هناك علامات استفهام فيما يتعلق بإسرائيل التي ارتكبت مجازر في غزة وفي الأراضي المحتلة والآن هناك لجان تحقيق وستصدر تقارير بشأن ذلك والعرب يعملون الآن في سياق الجرائم التي ارتكبت في غزة ضد الإنسانية أما بالنسبة لدارفور فالقضية منذ عام 2003 والآن فقط بدأ التركيز عليها والعمل فيها، مع اختلافنا في طريقة المعالجة.
* هناك مساعٍ قطرية لحل أزمة دارفور.. هل تعتقدون أن قرار توقيف الرئيس البشير قد يضر بتلك المساعي؟
** المساعي القطرية تتم في إطار مساعٍ عربية-إفريقية بناء على قرار من مجلس الجامعة وهناك لجنة يترأسها معالي رئيس وزراء قطر والأمين العام للجامعة العربية ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وحضرنا في قطر الجلسات الأولى وقطر في الواقع نشيطة جدا في هذا المجال ونحن نحيي هذا النشاط، والاجتماع كان يهدف لإقامة حوار بين الفصائل المتمردة والحكومة السودانية وأرجو ألا يتأثر هذا بقرار التوقيف، وقد عبَّرت الحكومة السودانية عندما كنت في الخرطوم عن نيتها وعزمها الاستمرار في هذا الحوار في الدوحة وأرجو أن تستمر كافة المنظمات في هذا، أما موضوع المحكمة الجنائية فلا دخل له بتلك الجهود.
* إذا انتقلنا إلى الملف الفلسطيني، تشهد القاهرة الآن حوارات فلسطينية – فلسطينية ودخلت الجامعة كطرف في هذه الحوارات، لكن حتى الآن لم يحدث اختراق في الملفات الفلسطينية المختلفة.. فما أسباب ذلك؟
** هناك اختراقات لكن الاختراق الأساسي الشامل لم يتم بعد وهناك عدد من اللجان الفلسطينية تعمل ونحن على اتصال بإخواننا من مختلف الأطراف ونرجو أن يحدث تقدم وهناك تقدم بالفعل ونتمنى أن ينتهي هذا الانقسام قريبا، بل يجب أن ينتهي لصالح الفلسطينيين وقضيتهم.
* هناك اتفاقات عديدة تمت على صعيد المصالحة الفلسطينية كان آخرها اتفاق مكة لكن هذه الاتفاقات لا يتحقق لها الاستمرار فهل دخول الجامعة العربية على الخط قد يكون بمثابة ضمانة لاستمرارية الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه؟
** أولا هناك ضمانة أكبر تتمثل في أن كافة الفصائل فهمت الآن أن لا أحد بينهم سوف يحقق نصرا على الآخر فهذا لن يستطيع أن يكسب ذاك ولا ذاك يمكنه القضاء على هذا، المعركة بينهم لن تحقق لطرف منهم اليد العليا في فلسطين، لأن هناك قوى تقف ضده من كل اتجاه وبالتالي أصبحت المسألة بالنسبة لهم مسألة وجود بمعنى أنه لا يستطيع طرف أن يقنع الكل بأنه صاحب الرأي السليم في حل قضية فلسطين وغيره خاطئ بل خائن وهو ما أدى إلى انقسام العالم العربي كله وانقسام الفلسطينيين.. هل سيبقى الوضع على هذا الحال؟ إذا بقي الوضع على هذا الحال ضاعت القضية الفلسطينية إلى إشعار آخر وانهيار النسيج السياسي الفلسطيني إلى إشعار آخر وقد لا يطوله هذا الجيل كله.. ولا أحد على استعداد للتسامح معهم في هذا فالمسألة بالنسبة لهم الآن هي مسألة وجود سواء قضيتهم أو وجودهم هم كمنظمات لها دور.. إنهم موجودون أساسا لتحقيق الدولة الفلسطينية والأمل الفلسطيني، أما إذا كانوا موجودين لتعويق هذا الأمل فلن يعيشوا طويلا لأن النظام السياسي نفسه سينهار بمن فيه فتح وحماس وغيرهما وبالتالي أصبح من مصلحة كافة الأطراف الفلسطينية التوصل إلى اتفاق وهذا هو أقوى ضمانة لأن المسألة أصبحت مسألة وجود أي أن الكل يشعر بأنه مهدد في وجوده وهذا يجعلهم يسيرون في طريق يؤدي إلى الحفاظ على وجود دولتهم وأمتهم.. هذا ما أعتقده، فإذا كان موقفهم غير ذلك إذن فنحن أمام عملية انتحار سياسي.
اختطاف
* هناك حديث عن تدخلات أو تأثيرات خارجية لأطراف خارج النطاق العربي على الفصائل الفلسطينية؟
** نعم هناك جهات متعددة، وهذه التأثيرات الخارجية موجودة لأن الوضع الفلسطيني تهرأ وضعف فأصبح من السهل لأي طرف من الأطراف الخارجية أن يتدخل، ونفس الأمر بالنسبة للعلاقات العربية لأن الوضع العربي ضعف فزادت التدخلات الخارجية.
* هل معنى ذلك أن القرار الفلسطيني تم اختطافه؟
** أنا لا أقفز هذه القفزات التي تجعلني أقول إن القرار الفلسطيني مختطف، ولكنني أحلل الوضع وأقول، إن الحلول تتأثر بهذه التدخلات، ولذلك المصالحة الوطنية الفلسطينية التي تجرى الآن، وآمل أنها ستنجح، هي حائط الصد أمام التدخلات الخارجية والأصابع والمصالح الخارجية التي أصبحت تهدد الكيان الفلسطيني، والمصالحة الفلسطينية سلاحنا جميعا لوقف هذه التدخلات الأكبر، وإصلاح العلاقات العربية سلاحنا جميعا لوقف التدخلات والذي لا يقف أمام هذين الأمرين يمكِّن الآخرين من نفسه.
* هل تعتقدون أن المصالحة العربية سيكون لها انعكاس إيجابي على الواقع الفلسطيني، والعراقي، واللبناني وغيره؟
** أعتقد أن المصالحة ممكنة تماما ولذلك عرضنا على الوزراء قائمة بهذا الكلام وحددنا بنودا حتى نتحدث على أساسها لأن المسألة ليست دردشة وإنما كل طرف يحدد أين يقف من هذا البند أو ذاك؟ من المشاكل والتحديات الحقيقية القائمة.
* قبل نحو أكثر من عام وتحديدا في البتراء حدثت مشادة بينك وبين الرئيس الإسرائيلي بيريز عندما طالب العرب بالتقدم إلى السلام وأجبت عليه بحزم وقلت له إن العرب ليسوا مغفلين، لكن في دافوس حدث موقف مشابه لكن لم نرك تنسحب مثلما انسحب رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي؟
** في دافوس حدث نفس الكلام وأكثر لأنه ادعى ادعاءات كثيرة ورددنا على الادعاءات الإسرائيلية بمنطق قدره الحضور وفهموه سواء رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أو أنا، وعلى المثقفين والمطلعين عدم الجري وراء مشهد معين دون أن ينظروا أيضا إلى ما تم وجرى بالضبط، فقد قلت وقال أرودوغان كلاما أمام أكثر من ألف شخص من المتحكمين في سياسة العالم عن السياسة الإسرائيلية والموقف العربي والإسلامي وتعطيل عملية السلام وصاحب هذه المسؤولية وموقف الإدارة الأمريكية السابقة والحكومة الإسرائيلية التي يمثلها بيريز وما حدث منها.
إيران
* فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران نجد أنه في الوقت الذي تتجه فيه أمريكا والغرب إلى التقارب مع إيران وفتح قنوات اتصال، هناك تصعيد من جانب العرب إزاء إيران.. فلماذا هذا التصعيد؟
** موقفي من هذا قديم ومستمر وواضح، السياسة الإيجابية الفاعلة المنتجة هي سياسة حوار جدي بين العرب مجتمعين أو من يمثلونهم وإيران، لأننا في وضع يجب أن نتحدث فيه مع الإيرانيين وأنا أرى إيران دولة ليست عدوا فهي دولة شقيقة بيننا وبينها خلافات في أمور كثيرة والطريق الوحيد السليم أن نجلس سويا ونتبادل الرأي فإما نقنعها أو تقنعنا أو نصل إلى حل وسط.
* هل تتبنون مبادرة لفتح قنوات حوار عربي من خلال الجامعة العربية مع إيران؟
** هذا يجب أن يتم، ولكن يجب أن يكون له توقيته وظروفه وفي المرحلة الحالية نحتاج الانتظار بعض الوقت فيما يبدو.
* هناك عدد من الدول العربية تتحدث عن تدخلات إيرانية في شؤونها؟
** نعم، ولكن مثل هذه الأمور يجب أن نتكلم فيها لأنه لا يفيد فيها التخاطب عن طريق الإعلام.
* هناك تخوف عربي إزاء ما يتعلق بالمساعي الإيرانية لامتلاك أسلحة نووية رغم أن إسرائيل تمتلك مثل هذه الأسلحة فهل هذا التخوف له ما يبرره؟
** مخاوفي من الأسلحة العسكرية النووية تعني التخوف من كل من لديه هذه الأسلحة وأولها إسرائيل وليس أولها إيران. صحيح أنه ليس من مصلحتنا كعرب أو كدول في المنطقة أن يوجد برنامج نووي إيراني أو غيره فنحن لا يجب أن نقبل ببرامج عسكرية نووية في المنطقة وهذا ينطبق على إيران وعلينا كما ينطبق على إسرائيل أيضا، خصوصا أنه لم يحدث أن قدمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا يقر بوجود برنامج عسكري إيراني ولذلك لا نستطيع أن نضع أنفسنا في موقع المتهمين لإيران في هذا الصدد لكن في نفس الوقت يجب أن نحذر من امتلاك سلاح نووي وهذا التحذير لا يمكن أن يكون لإيران دون أن يكون لإسرائيل وأعتقد أن سبب فشل السياسة الدولية السابقة مع إيران أن هناك برنامجا شبه عسكري نوويا في إيران ويقولون عنه إنه برنامج سيئ أما البرنامج الإسرائيلي فهو برنامج في رأي البعض في الغرب حسن وهذا كلام سطحي لا يصح قبوله وقد رفضت الاستماع إليه من دبلوماسيين غربيين كثر كان لي معهم مواجهات كثيرة في هذا الصدد.
* كيف يمكن للعرب استثمار جهود إيران وتركيا كدولتين خارج المنظومة العربية لصالح القضايا العربية؟
** بالسياسة العاقلة بحيث تكون لنا سياسة ليس فقط مجرد أن نكون أصدقاء أو إخوة وإنما كجيران لنا اهتماماتنا بالمنطقة واستقرارها وليس بتوترها نجلس معا ونتفاهم حول هذه السياسة كما ذكرت بالنسبة لإيران وأيضا بالنسبة لتركيا، وتركيا أنشط ولغتها أسهل في الشرق الأوسط والعالم العربي، وإيران لما ننهي هذه المشاكل عن طريق الحوار سيكون الباب مفتوحا أمامها أيضا علما بأن مصالح عربية كبيرة لا يمكن التفريط فيها، وعلى كل فالقاعدة التي تحكمنا في التعامل معهما أنهما في المنطلق بلدان شقيقان وليسا عدوين، وأن الحوار هو السبيل الوحيد لرتق الفجوات.
العراق
* فيما يتعلق بالملف العراقي بدأت أمريكا تعد العدة للانسحاب بقواتها من العراق، فهل العرب جاهزون لسد الفراغ والعودة إلى الساحة العراقية مجددا؟
** العرب جاهزون باعتبار العراق بلدا عربيا وهو جزء مهم من العالم العربي وانسحاب سفاراتهم كان بسبب التهديدات الأمنية، وأما انسحاب القوات الأمريكية فشيء طبيعي لأنها لن تظل طوال الوقت، لكن انسحابها الذي سيكون بعد 19 شهرا كما أعلن الرئيس أوباما يجب استغلال هذه الفترة في جمع العراقيين على أساس مصالحة ومواطنة كاملة للكل دون تفرقة بين سني وشيعي وكردي وعربي وتركماني وكل هذه التقسيمات هي التي طعنت العراق وكادت تقضي عليه ويجب أن ننتهي من هذه المشكلات بسرعة وأرى أن السياسة العراقية الآن تسير في هذا الاتجاه.
* إلى الآن لا يوجد إجماع عربي على عودة السفراء إلى العراق.. فمتى تتم هذه الخطوة؟
** هناك 9 سفارات عربية بالإضافة إلى مكتب الجامعة العربية ومصر سوف ترسل بعثة لافتتاح سفارتها هناك طبقا لما أعلن منذ فترة.
قمة الكويت
* لوحظ خلال القمة الاقتصادية التي عقدت مؤخرا بالكويت دخول الشق السياسي عليها خاصة ما يتعلق بأحداث غزة وهذا جعل البعض يقول إن القمة التي خصصت للاقتصاد العربي ضاعت في دهاليز السياسة؟
** القمة الاقتصادية لم تضع لكن كنا مضطرين بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة لتخصيص وقت لهذا الموضوع ورغم ذلك تم اتخاذ القرارات التي كانت تسعى إليها القمة الاقتصادية وعقدت من أجلها ونحن نتابعها وقد تبرعت الكويت بنصف مليار دولار لدعم المشروعات الصغيرة في إطار مليارين مرصودين لهذا الغرض.
* هل قمة الكويت نجحت في التأسيس لقمم اقتصادية فاعلة في المستقبل؟ وهل آلية تنفيذ القرارات الاقتصادية سيكون شأنها شأن القرارات السياسية؟
** نعم بدون شك، وإذا أصبح شأن القرارات الاقتصادية مثل السياسية فهذا جيد لأن القرارات السياسية أصبحت تنفذ الآن وأنا بصدد الذهاب إلى دمشق لمتابعة تنفيذ القرارات العربية سياسية واقتصادية.
* وإذا كانت قمة دمشق لم يتم تنفيذ قراراتها بشأن الخلافات العربية؟
** هذا غير صحيح وهو في رأيي كلام مرسل فأحد قرارات قمة دمشق كان بعقد قمة الكويت وعقدت وكذلك قرار يتعلق بالاتحاد الجمركي وبدأنا بالفعل في تنفيذه فهناك قرارات كثيرة نفذت وأرجو مراجعة مسار العمل في الجامعة العربية لأن كثيرا من الصحفيين يستندون إلى كلام كان يقال من قبل حول أن الجامعة العربية لا تنفذ وهذا غير صحيح الآن.. قليل من الجهد والاطلاع من جانب الجامعة مطلوب في هذا الشأن فمثلا في أزمة دارفور كانت الجامعة العربية أول من ذهب إلى هناك أيضا الصومال، الجامعة كانت وراء انتخاب البرلمان وكذلك الجامعة كانت موجودة في نيفاشا وكذلك في فلسطين، وكلها قرارات نفذت بنصوصها وبروحها.
* هل كانت مجرد حضور أم كانت فاعلة؟
** في أبوجا الجامعة كانت فاعلة، لأن ممثلنا ظل طوال سنة يبذل جهوده ولولا ذلك لما تم التوصل إلى أبوجا وأيضا في الصومال جهودنا فاعلة لأننا نتحرك ونتحرك بأموال إذا تطلب الأمر ذلك لتمويل مشروعات معينة، وأيضا جزر القمر ساهمنا في إجراء الانتخابات فيها ومولنا القوات الإفريقية التي ذهبت إلى هناك لتحقيق الاستقرار وأيضا قوات عربية إفريقية إلى السودان، أيضا فلسطين الكل أبلغ أن عملية سلام أصبحت كلمة غير إيجابية وأن الإسرائيليين يخدعوننا لتضييع الوقت وهذا تحقق بفعل جهود الجامعة، أيضا انعقادات مجلس الأمن المتتالية بخصوص القضية وإسرائيل كانت معترضة لأنها كانت تريد إبقاء القضية في يد الولايات المتحدة وانعقد مجلس الأمن ثلاث مرات على مدار السنوات الماضية وهذا كله كانت الجامعة تقوم به إما بتنفيذ القرارات أو من خلال مبادرات فيجب أن ندرس ما تقوم به الجامعة لا أن نقول ماذا تفعل الجامعة وهذا شبيه بالهجوم على الأمم المتحدة رغم أنها تقوم بأشياء كثيرة.
* لكننا نتحدث عن بيت العرب.. ألا ترون أنه ينبغي أن يكون مفعلا بصورة أكبر؟
** نعم، هذا ما نفعله في الجامعة العربية، والآن وصلت الجامعة إلى ما فوق الحد الأدنى وارتفعت درجة التنفيذ والاهتمام والحركة السياسية والاقتصادية وغيرها وعقدت قمم تنموية اقتصادية واجتماعية في موضوعات البيئة ومنطقة التجارة الحرة والاتحاد الجمركي والأمن وغيره ولكنني أتفق معك أيضا وأقول إن كل هذا لا يكفي ويجب أن نضاعف جهودنا لتحقيق أكثر من هذا لأن الجامعة مطلوب منها أكثر من هذا ونحن أيضا في الجامعة ننتظر دعم الدول حتى نؤدي دورنا، وبهذه المناسبة وباعتباركم من قطر أقول إن قطر تقدم دعما كبيرا للجامعة ولم أر من قطر خلال السنوات الثماني الماضية إلا دعما كاملا ومستمرا.
* أنتم في مراحل عديدة وصلتم إلى حالة من التشاؤم من الوضع العربي أليس كذلك؟
** نعم هذا صحيح خاصة قبيل وخلال قمة الكويت الاقتصادية وانعقاد قمة غزة في الدوحة كنت في غاية التشاؤم وكدت أنفجر وانفجرت فعلا.
* ألا تفكرون في هذه المرحلة في الاستقالة وترك العمل العربي؟
** كان ذلك بالفعل يدور في ذهني خلال هذه الأزمة وفاتحني كثير من الرؤساء العرب وقالوا نحن نعلم ما يدور في عقلك وقالوا إياك أن تترك المركب الآن وهي تغرق فكيف تتركها وهي تغرق ثم جاءت مبادرة خادم الحرمين لتحقيق المصالحة.
* وهل مازالت فكرة الاستقالة موجودة؟
** نعم مازالت موجودة في ذهني لأننا إما أن ننجح وإما أن نفشل وسوف أعتبر نفسي من المسؤولين عن الفشل إذا حدث فلو كان قد حدث انفجار وقت الأزمة الأخيرة وبالتالي حدث فشل فإن الأمين العام عليه أن يترك منصبه، ولكن إذا وجد أملا فليبق ليدعم هذ التوجه.
الأزمة الاقتصادية
* الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم كان لها تداعياتها على الدول العربية فهل هناك عمل عربي موحد للخروج من تلك الأزمة من خلال الجامعة؟
** هذا كان مجال نقاش في قمة الكويت الاقتصادية وكان السؤال الذي يطرح نفسه كيف نتصرف لمواجهة الأزمة؟ لأن هناك تأثيرات كبيرة علينا وقد ذكر أمير الكويت أن العالم العربي خسر 2.5 تريليون دولار في هذه الأزمة من أصول وأوراق مالية وخسارة من السياحة وغيرها وهذا رقم ضخم جدا، وصندوق النقد العربي مخول بمتابعة هذا الموضوع وهناك خطر كبير على اقتصادات مختلفة والسياحة بين الدول العربية تأثرت وكذلك الاستثمارات والتجارة.
* ألا تدفع هذه الأزمة الدول العربية لإيجاد كيان اقتصادي قوي لمواجهة مثل هذه الأزمات.. وما الحلول العربية؟
** هذا مهم ولكن توقيته صعب لأن التطور مازال محل أخذ ورد، الاتحاد الأوروبي لديه البنك المركزي الأوروبي ومؤسسات قوية لكنها تأثرت فالمسألة ليست مؤسسات لكن يمكن بل يجب أن نناقش ما هو الفكر الاقتصادي العربي الذي نتحرك على أساسه وليس فقط موضوع تطوير أو تغيير المؤسسات، أي ما التوجه الذي نريد اتباعه فنحن عشنا مرحلة فشلت فيها الشيوعية والاقتصادات الموجهة والآن فشلت أيضا اقتصادات السوق إذن ما هو فكرنا الاقتصادي، وبالنسبة للحلول لابد من تكليف مجموعة اقتصادية وسياسية بأن تعرض مشروعا بفكر اقتصادي عربي يتعامل مع ما رأيناه وما سنراه خلال العام القادم من انهيار المؤسسات التي قام عليها الاقتصاد الحر التغيرات والتطورات المتوقعة.. إن الاقتصاد السياسي يعد كما كان اقتصادا حرا تمام الحرية وإنما تتدخل فيه الحكومات إذن تدخل الحكومات هل يشير إلى اقتصاد مختلط.. أم أنها مجرد إجراءات وقتية سوف يتم التراجع عنها بعد انفراج الأزمة؟ ثم إنه ربما يحدث تغيير في المؤسسات الدولية الكبرى مثل البنك الدولي أو منطقة التجارة…إلخ ماذا نفعل؟ هل نقيم بنكا مركزيا عربيا مثل البنك الأوروبي؟ وهل هو يفيد أم لا؟ وهل إقامته ممكنة أم غير ممكنة؟، إذن فلابد من فكر اقتصادي ثم بعد ذلك نتحدث عن مؤسساتنا، نحن لدينا صندوق نقد عربي ولدينا الصندوق الاجتماعي العربي بالكويت وهو نشيط جدا يمكن أن نزيد دور هذه المؤسسات أو نضيف إليها، ولكن يجب أن نتحرك وفقا لإطار مدروس ومتوافق عليه.
ليست استثنائية
* القمة العربية القادمة في الدوحة هل يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة من القمم تبني عليها؟
** قمة الدوحة هي القمة رقم 21 والقمة التي بعدها ستكون رقم 22 وهي ليست قمة استثنائية فهي مثل القمة رقم 19 ورقم 20 ومثل القمة التي ستأتي بعدها فهذه قمة دورية لكن لخطورة الأحداث والتطورات فهي تنعقد في ظرف خاص، هذا الظرف الخاص يعطي القمة القادمة في الدوحة أهمية وخطورة تتعلق بمدى المصالحة العربية ومدى المصالحة الفلسطينية والوضع الإقليمي في المنطقة الأزمات التي تحيط به.
* كيف تستشرفون العمل العربي المشترك خلال المرحلة القادمة؟ وهل هو مقبل على توحيد مواقف أم مقبل على فوضى قد تعود مرة أخرى بالعمل العربي لمزيد من التدهور؟
** الاحتمالان مطروحان وأنا أقرأ الاحتمالين بناء على معطيات المرحلة الماضية وما أراه وأستشفه الآن.
* هل ستكون هناك اجتماعات قادمة لتحقيق مصالحات عربية بعد الاجتماع الرباعي في الرياض؟
** نعم ستكون هناك اجتماعات متعددة لكن لم يتم تحديد شيء حتى الآن وكل الدول لابد أن تدخل في هذا المصالحات خاصة الدول التي لها دور في هذا، أما بالنسبة لقطر فهي رئيس القمة القادمة وبالتالي سوف تكون في الصورة في مثل هذه الأمور وأعتقد أنها ستشارك في المصالحات القادمة.