قال أن الثورات العربية لم تكن مفاجأة له، بل توقعها وحذر منها الرؤساء العرب في قمة شرم الشيخ، وقال إن “الديمقراطية والإصلاح” هما شعار المرحلة القادمة في الوطن العربي.
إنه الأمين العام للجامعة العربية، معالي السيد عمرو موسى، والمرشح الأول بحسب استطلاعات الرأي لرئاسة مصر، الذي التقيناه في حوار ممتد، يمثل نهاية فترة ولايته كأمين عام للجامعة العربية، وبداية فترة ترشحه لرئاسة مصر، تناول خلاله مجمل الأوضاع في المنطقة خاصة بعد الثورات العربية التي اعتبرها رمزا للوحدة العربية، كما أكد أنه انتقد النظام المصري السابق في وجوده وبعد زواله، وقال إن التوريث كان القشة التي قصمت ظهر النظام وعجلت بنهاية مبارك، وحذر الحكام العرب من الابتعاد عن الشعوب، وقال إن الإصلاح والديمقراطية لابد أن يطبقا.
وأثنى موسى على القرار الذي اتخذته الجامعة بتعليق مشاركة ليبيا في أعمال الجامعة بسبب سوء معاملة النظام للمواطنين، ولم يبد انزعاجا من تأجيل قمة بغداد بل وصف القرار بأنه “حكيم” ، ولم يعترض على فكرة تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية مشددا في ذات الوقت على ضرورة أن يعمل الأمين العام على تحقيق متطلبات الشعوب العربية وفقا للمتغيرات الجديدة، كما شدد على ضرورة الانفتاح على إيران وتركيا، وضرورة إعلان الدولة الفلسطينية خلال شهر سبتمبر المقبل. العديد من القضايا التي تطرق لها موسى نتناولها في الحوار التالي..
◄ نبدأ من أحداث العالم العربي وهو يغلي حاليا بعد سنوات من السبات، كيف يقرأ معالي الأمين العام للجامعة العربية واقع العالم العربي؟
► العالم العربي بدأ التعبير عن نفسه الآن فقط، لأنه كان يئن منذ سنوات طويلة من الإحباط، والشعور بالتراجع، ومواجهة قضايا لا تحل، وأمور لا تبرم بالطرق السليمة، وظهر ذلك جليا في مصر وتونس، وهما الدولتان اللتان نجحتا في إزاحة نظاميهما السياسيين، وإطلاق عهد حرية جديد، وكما ترى الآن في العالم العربي الكل في حالة ثورة، ورمزية هذه الحركات هي التغيير، أي أن ما كان قائما لا يصح أن يستمر، سواء كان ذلك سياسات أو فكرا، والتغيير يمكن أن يأخذ أكثر من صورة وليس بالضرورة أن يكون على النمط المصري والتونسي، ولكن أعتقد أنه ستكون هناك أنماط أخرى، لأنه لم يعد من المنطقي أن العالم العربي يكون المنطقة الوحيدة المتخلفة عن باقي العالم، الذي يقفز ويحقق انفتاحا سياسيا واقتصاديا، والعالم العربي لا يصح أن يتراجع بهذا الشكل الذي ظهر به قبل الثورتين المصرية والتونسية.
النفسية العربية
◄ إذن أنت ترى أن التغيير في العالم العربي تأخر؟
► بكل تأكيد، كان لابد أن يكون التغيير قبل ذلك، فقد بدأنا في تونس بوثائق تطالب بالتغيير والتحديث، وقلنا هذا منذ عام 2004 بناء على طلب من الأمانة العامة للجامعة العربية، ولكن لم يحدث التغيير بالصورة المطلوبة، وأدى ذلك إلى شعور الناس بأن اليوم مثل الأمس، في حين أن الدول الأخرى تنظر للغد وبعد الغد، وهذا أدى إلى تفاقم الأزمة النفسية العربية، وحذرت من ذلك في قمة شرم الشيخ.
◄ ولكن ألم تكن هناك مؤشرات أو مقدمات لما حدث في تونس ومصر؟
– هذه نقطة مهمة جدا، لأن رموز هذه النظم لم يروا هذا الغليان، واعتقدوا أن الشعوب يمكن أن تقمع ببطش الأمن إلى الأبد، وهذا غير صحيح بالطبع، فمثلا التوريث في مصر كان القشة التي قصمت ظهر البعير، وكيف يمكن أن يتصور أحد أنه لمجرد أن فلانا ابن الرئيس يكون له الحق في حكم مصر أوتوماتيكيا، وكان سوء تقدير من جانب النظام السياسي، الذي اعتقد أنه من خلال سياسة العصا والجزرة يمكن أن يتم تمرير كل شىء.
◄ ولكن كيف يكون التوريث – معالي الأمين العام – في دول تقول إنها جمهوريات ؟
► لا توريث في الجمهوريات، فالتوريث جزء من النظام الملكي، وعلى أي حال موضوع التوريث هو الذي أنهى النظام في مصر، وأنا أعتبر ذلك درسا لمن يحاول أو يظن أن قمع الشعب وإذلاله هو الطريقة لتحقيق أهدافه، وقد حدثت الثورة في لحظة واحدة ولم تنتظر طويلا، ووصلت إلى الانفجار بشكل سريع، وثبت بالدليل القاطع أن هناك وحدة عربية بين الشعوب، وكانوا يقولون كيف تكون هناك وحدة عربية في ظل مصالح مختلفة لكل طرف، إلا أن الثورات أثبتت عكس ذلك، وكانت رمزا للوحدة، محمد بوعزيزي أحرق نفسه في تونس، وثارت تونس وقامت القيامة في مصر واهتزت الجبال في اليمن واحترقت ليبيا، وهذا يعني التأثر بما يحدث في المجتمعات العربية، وما يحدث أحيانا في الدول العربية قد لا يكون مفهوما في بعض الأحيان، فرغم عملي كأمين عام للجامعة لم أكن أعرف سبب الخلاف المصري – السوري، رغم محاولاتي الدؤوبة لمعرفته!!
قصف المتظاهرين
◄ سيناريو تونس انتقل لمصر، ولكن الصورة اختلفت في دول أخرى مثل اليمن وليبيا.. بم تفسرون ذلك؟
► التغيير قادم لا محالة، ولكن ليس شرطا أن يكون نسخة كربونية لما حدث في دولة ما، أما ليبيا فقد وصل الأمر فيها لقصف المتظاهرين بالقنابل، ولا أحد يستطيع أن يتحمل ما يحدث هناك، ولذلك كان أول رد فعل للجامعة هو تعليق مشاركة ليبيا في أعمال الجامعة، بسبب سوء معاملة مواطنيها، وهو أمر جديد على الجامعة وقراراتها.
◄ تعني أن موقف الجامعة من أحداث ليبيا يعد بداية تعامل جديد للجامعة مع مثل تلك الأنظمة؟
► الدنيا تتغير وما شهده العالم العربي حتى 2010 شئ وما بعده شئ آخر، بما في ذلك طريقة رد الشعوب على نظام الحكم، بما في ذلك القوانين الخاصة بحقوق الإنسان والدساتير، وكذلك برامج التعليم، العالم العربي بدأ على هذا الطريق، وعلى رأسه مصر.
◄ ولكننا لم نسمع تأييدا قويا وموقفا محددا للجامعة العربية من تلك الثورات باستثناء ليبيا، لماذا؟
► ليس صحيحا، فهناك بيان قوي رحب بأحداث تونس، وكذلك أحداث القاهرة، وكذلك تحدثت الجامعة عن الأوضاع في اليمن وسوريا وتتخذ مواقف بشأنها.
◄ ما هي هذه المواقف، وما هو دور الجامعة فيما يحدث في سوريا واليمن؟
► الجامعة تتعرض لكل هذه الأمور، وأؤكد لكم أنه لن يبقى شيء على ما كان عليه في الستين سنة الماضية، وتشكلت في معظمها حركات سلبية كبيرة بالنسبة للشعوب العربية، إلا أن تلك الأمور لا رجعة فيها مرة أخرى.
◄ هل يمكن أن نقارن المرحلة الحالية بما حدث في الستينيات من تلاقي رغبات الشعوب العربية؟
► تستطيع أن تقارن بين تلك الفترة وما نشهده الآن، ولكن ما يحدث الآن يمثل ثورة شعوب وليس فيها تدخل خارجي ، وهي ليست انقلابا عسكريا، فالثورة المصرية لم تتلق تعليمات من الخارج، ولم يكن للثوار أجندات خارجية، ولكن من الممكن أن هناك من اندس فيها وله أغراض أو مصالح خاصة، فهذا وارد وممكن.
◄ المتابع للأحداث يجد أن الشعوب العربية تعيش صحوة كبرى، كيف ترى معاليكم تأثير ذلك على قضايا الأمة عامة، والقضية الفلسطينية خاصة؟
► أعتقد أن المجتمعات العربية أيضا تعيش صحوة، وليس الشعوب فقط، لأن المجتمعات لها مدلول ثقافي وحضاري أكبر وأشمل، والصحوة العربية كان لابد أن تحدث في كل الدول، وفي رأيي أنه من الأفضل أن تتسابق النظم العربية في عمليات الإصلاح والتغيير والتنمية، والعمل على خدمة الناس، فهذا أفضل للأنظمة.
قمة بغداد
◄ ماذا عن القمة العربية التي كان مقررا لها أن تعقد في بغداد؟
► العالم العربي انشغل بظروف معينة فرضتها الثورات العربية الحالية، وبالتالي فإن كثيرا من الدول قد لا تستطيع الحضور بسبب هذه الثورات، لذلك فإن موعد انعقاد القمة لابد أن يؤجل، وتحدثت في ذلك مع وزير خارجية العراق، وليس صحيحا أن هناك اتجاها لإلغائها، كما أن عقد هذه القمة في بغداد أمر مقرر ولا خلاف عليه، ولكن الظروف الآن غير مواتية بالفعل، كل هذا يجعل تأجيل القمة قرارا حكيما.
◄ ولكن على الناحية الأخرى، أليس من المفترض أن يلتقي القادة لمناقشة الأوضاع مبكرا بدلا من الوصول لحالة انفجار؟
► كنت أؤيد هذا الرأي منذ شهر تقريبا، ولكن بعد تفاقم الخلاف الخليجي – العراقي، وما رأيناه يحدث في ليبيا، والوضع في اليمن وسوريا والبحرين وغيرها، يجعل حضور الرؤساء أنفسهم أمرا مشكوكا فيه.
◄ معالي الأمين العام ، أيام وتنتهي فترة ولايتكم لأمانة الجامعة العربية، فما هو تصوركم حول فكرة تدوير منصب الأمين العام؟
► الجميع يعلم أنني قررت عدم التجديد، رغم وجود اتصالات مشكورة طالبت باستمراري في هذا التوقيت، ولكنني شكرت ذلك واعتذرت، ورأيت أن عشر سنوات في خدمة الجامعة كافية، وبالتالي كان لابد من البحث عن أمين عام جديد يحصل على التوافق، ففكرة اختيار الأمين من بلد المقر ليست منصوصا عليها في الميثاق بأن يكون مصريا، ولكن جرى العرف على أن يكون الأمين العام مصريا، بالإضافة لأن يكون من بلد المقر، ورشحت مصر الدكتور مصطفى الفقي، وفى نفس الوقت وإعمالا لحق الدول، رشحت قطر الأخ عبد الرحمن بن حمد العطية، وهما شخصيتان مميزتان على مستوى العمل العربي، وعلى أية حال سوف نناقش هذا الأمر في اجتماع قمة وزراء الخارجية في الخامس من مايو الجاري.
◄ وما هي آلية الاختيار؟
► الانتخاب أو التوافق أو التأجيل إذا لم يتم التوافق.
◄ هل من الممكن أن يستمر الأمين العام في موقعه حال عدم الانتخاب أو التوافق؟
► من الممكن طبعا، وذلك لحين حدوث توافق على شخص آخر.
البرلمان العربي
◄ تجربة معاليكم خلال السنوات العشر التي توليتم فيها منصب الأمين العام، كيف كانت ؟
► في اعتقادي أنها كانت عشر سنوات من النشاط البالغ، فقد لعبت الجامعة دورا في كل القضايا العربية مثل لبنان والسودان واليمن، وكنت أول من ذهب إلى اليمن، وأنشأنا البرلمان العربي، وأصبحت القرارات العربية تتم بالأغلبية وليس بالإجماع أو استخدام الفيتو، أضف إلى ذلك أن القمم العربية أصبحت دورية واستمرت في الانعقاد لمدة عشر سنوات متوالية، وكذلك عقدنا القمم الاقتصادية، وحدث تحريك شامل لكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وأصبح القرار يتخذ في الجامعة وليس في الدول، وغير ذلك الكثير، واليوم أخشى أن يصيب الاضطراب أعمال الجامعة العربية، ولكن الإصلاح سوف يصب في مصلحتها في النهاية.
الترشح للرئاسة
◄ أعلنتم معاليكم ترشحكم للرئاسة في مصر، على ماذا تراهنون؟
► ليس هناك رهان، وإنما هناك اعتماد على شعور المواطنين وتأييدهم، فرد فعلي مثل رد فعلهم لكثير من التحديات التي تواجهها مصر، وأنا أستطيع أن أضع خبرتي لصالح مصر من خلال اتصالاتي الدولية، وأنا لا أدعي أنني وصلت للكمال، ولكني على استعداد لتوظيف كل ما لدي من قدرات وخبرات لمصلحة مصر، كمواطن مصري عاش فيها طوال عمره إلا سنوات قليلة، كنت فيها ممثلا لها في الخارج.
◄ ولكن كيف ترون مواصفات الرئيس القادم لمصر؟
► لابد أن يكون واعيا، لأن عهدا جديدا قد بدأ، وأنه لا رجوع إلى الوراء أبدا، وأن الشعار خلال المرحلة القادمة سيكون الإصلاح والديمقراطية.
◄ أعلنتم تأييدكم للثورة قبل سقوط النظام، فهل هي ثقة بانتصار الشباب أم نوع من الانتقام من النظام السابق ؟
► ليس لدى أي شعور بالانتقام، كما لا أحب استخدام لفظ النظام السابق، وقد سبق أن حذرت مما حدث في حضور الرؤساء أنفسهم في قمة شرم الشيخ، وقلت وقتها وأنا أجلس بجوار مبارك “لقد همشتم الشباب” ، وكنت أرد على كل أركان نظام مبارك بأن ثورة تونس ليست بعيدة عن هنا، لكن الجميع كان مندهشا مما أقول.
◄ هل هي قراءة من واقع خبرة؟
► مجرد قراءة من خلال مواطن يعرف مصر ومركزها، وعلاقتها بإسرائيل وفلسطين، وكنت في حالة غضب من عدم التوازن الذي تشهده العلاقات المصرية مع الخارج.
الديمقراطية والاصلاح
◄ إذن ما هي أولوياتكم حال فوزكم بمنصب الرئيس في الانتخابات المقبلة؟
► يجب التركيز على الديمقراطية والإصلاح، كما يجب أن تكون مصر ورشة عمل لإصلاح الخلل الخطير الذي حدث في المجتمع المصري في الفترة الأخيرة، ويمكننا علاجه فورا حتى من حيث طريقة سَن القوانين ونظم التعليم والصحة والسكان والبيئة، وكل الأولويات التي تنبع من الداخل المصري، فضلا عن سياسة خارجية جديدة، قوية ومتوازنة.
◄ معروف عن معاليكم توجهاتكم القومية، هل يتوقع منكم مراجعة لبعض الاتفاقيات التي وقعت عليها مصر؟
► لن نراجع المبادرة العربية وستظل مبادرة 2002 هي أساس التعامل، ولن نراجع معاهدة مصر مع إسرائيل طالما يحترمها الطرف الآخر.
◄ حتى لو كان طرح الاتفاقية في بعض بنودها للاستفتاء العام مطلبا جماهيريا؟
► لن نتخذ أية قرارات لمجرد إرضاء هذا أو ذاك، وإنما المصلحة المصرية والعربية هو ما يحركنا، فنحن نريد إنهاء المشكلة العربية وحلها وليس تعقيدها.
الرفض الإسرائيلي
◄ ولكنكم عاصرتم المبادرة العربية منذ ولادتها ولمستم الرفض الإسرائيلي لها، فكيف تراهنون عليها الآن ؟
► الموضوع ليس رهانا، الموقف العربي وضع إسرائيل في موقف الدفاع، وسوف ترى هذا في سبتمبر المقبل أمام الأمم المتحدة، وهناك حصار دولي كبير لأن السياسة الإسرائيلية الغبية يجب أن تتوقف، فإذا توقفت كان بها، وإذا لم تتوقف سوف نرى ماذا يحدث، فالمبادرة العربية هي أساس الموقف العربي، والمعاهدة قائمة طالما يحترمها الآخر، أما أي كلام آخر فسيكون غير مسؤول.
◄ ماهي رؤيتكم لاسترجاع الدور المصري الإقليمي والدولي الذي تراجع خلال الآونة الأخيرة بفعل ممارسات النظام السياسي السابق؟
► يجب أن يتوقف هذا التراجع فورا، وأن تعود مصر لموقفها من فلسطين، فمثلا لا يجوز أن يكون هناك حصار لغزة ويكون هناك دور مصري مكمل للحصار، فهذا غير مقبول، كما أن القضية الفلسطينية والقدس يجب أن يكون الموقف حيالهما واضحا في السياسة الجديدة، والملف النووي يجب تأكيده أيضا، فنحن مع إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، ويجب أن تكون إسرائيل ضمن المنطقة وليس هناك كلام آخر وهذا هو الحل الوحيد.
◄ هل ترون أن هناك ضرورة لوضع موعد لإنهاء المفاوضات العربية – الإسرائيلية؟
► ليست هناك مفاوضات الآن، وسبق أن أعلنت أن المفاوضات في العناية المركزة، لذلك يجب أن يكون هناك إعلان فوري للدولة الفلسطينية، وأن تعلن في سبتمبر المقبل، ولا حجة للتأجيل خاصة في ظل اتباع إسرائيل لسياسة مصادرة الأراضي العربية.
العلاقة مع إيران
◄ وكيف ترون علاقتكم مع إيران؟
► منذ أن كنت وزيرا للخارجية المصرية، قلت إنه يجب أن يكون هناك تعامل مع إيران كدولة، وهذا لا يعني أنه لا خلافات معها، فالخلافات موجودة وهناك علامات استفهام على دورها في عملية السلام، ولكن يجب أن تكون الأوضاع في المنطقة العربية أكثر استقرارا من حيث العلاقات مع الآخر، ويجب أن يكون الحديث حديث الجار للجار، فقد ضايقني كثيرا أن تأتى دول من على بعد 10 آلاف ميل لحل المعضلة الإيرانية مع الدول العربية.
◄ كنتم اقترحتم توسيع دائرة الجوار العربي، هل حدث تقدم في هذا المجال؟
► عرضت هذا على دول رابطة الجوار العربي، وعارضني وقتها الرئيس السابق مبارك وعدد من الرؤساء الآخرين، ورأوا أن هذا يكون منفذا لإيران للتدخل في الشأن العربي، لكن لم يكن هذا هو هدفي، وإنما كان هدفي إنشاء كتلة حول الدول العربية تحقق مصالحها في التجارة والاستثمار والتواصل الثقافي.
◄ لكن كان هناك تخوف من سحب البساط في الدور السياسي تحديدا من بعض الدول العربية ؟.
► أي دولة يمكنها فعل ذلك؟
◄ تركيا مثلا؟
– تركيا لها علاقات قوية بالعالم العربي، والعرب أمام سياستين مختلفتين، السياسة الذكية التركية، والسياسة الخشنة الإيرانية، كما أن هناك دولا متوسطية أخرى، ويجب أن يتم التعامل مع كل هذه القوى.
الدبلوماسية القطرية
◄ كان لقطر عدد من المبادرات سواء في السودان أو لبنان أو اليمن. كيف ترون هذه الدولة ودورها؟
► قطر دولة تتميز بدبلوماسية نشطة، وأرى أنها ساعدت في دفع العمل العربي المشترك في السودان ولبنان وغيرهما من الدول التي شهدت توترات سياسية.
◄ وكيف تصفون الدور السياسي لدولة قطر؟
► لا شك أن لقطر دورا إيجابيا يتسم بالنشاط، وقد أثبت أن هناك عنصرا نشطا جديدا قد ظهر على الساحة، وله دور إيجابي على كافة المستويات.
◄ وكيف ترون مستقبل العالم العربي؟
► لابد أن يطرأ على الوطن العربي تطوير وتغيير، ولو كنت بقيت كأمين عام للجامعة العربية بعد هذه الأحداث لأحدثت تغييرا جذريا في الجامعة للتعامل مع متطلبات الشعوب.
رسالة للحكام
◄ وكيف ترون مستقبل الثورات في ليبيا واليمن وسوريا، هل ستنجح كما حدث في مصر وتونس؟
► لابد أن يحدث تغيير في السياسة والأسلوب والعلاقة بين الحكام والمحكومين، لكن شكل هذا التغيير لا أستطع تحديده الآن على وجه الدقة، إلا أنني أريد التأكيد على أن العرب مصممون على الالتحاق بالقرن الحادي والعشرين، وسوف يلتحقون، وهذه هي سمة التطور، كما أنها رسالة لكل الحكام أن “ساعِدوا الشعوب”.
◄ هل للإعلام دور في نجاح الثورات العربية؟
► من الممكن أن يكون له دور فعال، لكنه في الحقيقة ليس هو الذي أنجحها، فالثورة في ميدان التحرير لم تكن في انتظار الإعلام، ولم يكن الإعلام سببا أو دافعا لها.
◄ لكن البعض يرى أن الإعلام كان معوقا للثورات، ألا ترون ذلك؟
► نعم، بعض وسائل الإعلام كانت معوقة وتنطلق بلا هدف، ولكن بعد هذا انعكست الأمور، ونقل الإعلام بعد 4 أيام من الثورة صورة لما يجرى في ميدان التحرير إلى العالم.
المزاج العربي
◄ الأنظمة الغربية خاصة أمريكا لم تحدد موقفها من الثورات العربية إلا في اللحظات الأخيرة، هل كانت تخشى أن تهتز علاقتها بالدول العربية؟
– النظرة الغربية لم تفهم المزاج العربي، ومن ثم كان هذا التردد، وكان ذلك شيئا جديدا، فكان ما يحدث إما أنه انقلاب عسكري أو انتخابات مزورة، أما الثورة في كل من مصر وتونس فكانت نقلة حقيقية لم يفهمها عدد من العواصم الغربية في حينها.
◄ إذن هل تعتقدون أن الأنظمة العربية الديمقراطية تشكل خطرا على المصالح الغربية في العالم العربي؟
► هناك من يعتقد ذلك، وأن المصالح الغربية كانت تُقضى بالهاتف، ولكن الآن الرئيس المنتخب في مصر ليس من حقه أن يقول نعم أو لا، ولكن يجب أن يعود للمؤسسات النيابية في الدولة، فعلاقات الغرب بالديكتاتوريات تؤدى حتما إلى ثورات، أما النظام الديمقراطي فهو الذي يحدد ذلك بناء على قرار المؤسسة الديمقراطية.
نمور من ورق
◄ هل ترون أنه سيكون للدول العربية وزن وشأن على الخريطة الدولية بعد الثورات؟
► نعم بكل تأكيد، هناك وزن ونظرة جديدة للعرب لأنهم استطاعوا إسقاط النظم الديكتاتورية، بالإصرار والوقوف في الشوارع والميادين، وأثبتوا أنه إذا أرادت الشعوب فإنها تزيح أعتى الأنظمة ديكتاتورية، وإذا وقفت الشعوب وانتفضت فسيتحول حكامها إلى نمور من ورق..