يتعامل معظم الناس من حولنا في حياتهم العادية بأكثر من وجه، فالحقيقة التى لا يستطيع أن ينكرها أحد، أن كل منا يحمل في يده خلف ظهره قناع آخر يتطابق مع تفاصيل وسمات وجهه، ولكنه يختلف في صفاته الشخصية، وأحاسيسه وعلاقاته الثنائية مع كل شخص على حدة.
وقد يختلف البعض معي في هذه الرؤية، والتي أري أنها تنطبق على معظم البشر – بما فيهم العبد لله للأسف الشديد -، وأبسط وأقوى مثال يؤكد هذا الكلام تستطيع أن تجربه أنت بنفسك، فإذا كنت تتحدث مع شخص عن شخص آخر، سواء كنت تتحدث عن أخلاقه، أو عن موقف حدث بينك وبينه أو قام به مع أحد آخر، أو حتى عن تقييم أداؤه في العمل، ودخل الشخص الذي تتحدث عنه فجأة، ماذا ستفعل؟ بلا أدني شك، وبنسبة 99% وبحسب ما كنت تقوله، ستضع بسرعة القناع الذي تخبؤه خلف ظهرك على وجهك، وبسرعة أيضا ستتخير عدة عبارات بينية للتحول من الحديث السابق للدخول في حديث جديد، قد يكون عكس ما كنت تقوله تماما منذ لحظات، أو في أقل تقدير ستتحدث في حديث غيره.
والحقيقة أنه ليس هذا المثال فقط هو ما يدعونا الى لبس القناع في حياتنا، فكثيرا من الناس ما يتعامل مع الأشياء لسببين، أحداهما ظاهر والآخر باطن – إلا من رحم ربي، فقد يتصل بك صديق هاتفيا ويبدأ حديثه بالسؤال عن صحتك بعد علمه بمرورك بوعكة ما، ويحول المكالمة لتنتهي بسؤالك عن مبلغ من المال سلف إلى حين ميسرة، أو أي شىء آخر، أو أن يزورك صديق قديم في مكتبك، ويخبرك أن اشتياقه إليك هو ما جاء به ليطمئن عليك، ثم تفاجأ بسبب آخر تماما لهذه الزيارة، هو في الواقع السبب الرئيسي لها.
وقد يرى البعض ويبرر هذه التصرفات بأنها نوع من أنواع اللباقة الاجتماعية والذوق الإنساني، لكن الحقيقة أن هذه التصرفات ما هى إلا نوع من أنواع الغش والكذب والخداع والنفاق، وخطورتها تكمن في تعود الإنسان عليها، حتى يصبح لا يستطيع التعامل من الآخرين إلا من خلال القناع المناسب للشخص الذى يتحدث معه، بالتالى تختلط الأشياء بداخله، فتضيع شخصيته الحقيقية، ويعيش في شخصية مزيفة طوال حياته.