مقالات اجتماعية

عامان جديدان!

سنة ميلادية طوت صفحتها منذ أيام، وتبعتها سنة هجرية لملمت أيامها ولياليها أيضا، بحلوها ومرها، وبكل ما حملته من آمال وآلام، سنة كاملة انقضت من عمرنا قربتنا من ساعة خروجنا من الدنيا، والتي لا نعرف بالتحديد متى سنتركها، وهل سيمد الله في عمرنا ونعيش سنة أخرى أم لا؟!

السنة الميلادية تذكرنا بمولد كلمة الله المسيح بن مريم، عليهما السلام، هذا النبي الرقيق، داعي السلام والمحبة بين الناس، والذي لا يختلف عن رسولنا الكريم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام والذي تم التأريخ للأعوام الهجرية بتاريخ هجرته للمدينة، هذان النبيان الكريمان اللذان ختم الله بهما رسله الذين حملوا رسالاته السماوية إلى الأرض، وفصل بينهما نحو ستمائة عام، يتصفان بصفات مشتركة كثيرة، كل منها يكفل لو اقتدينا بها أن نعيش في سلام ومحبة على هذه الأرض، كما قال النجاشي عندما عدد عليه سيدنا جعفر بن أبي طالب أمور الإسلام قال: “إن هذا الكلام والكلام الذي جاء به عيسى ليخرجان من مشكاة واحدة”.

المسيح عليه السلام قال: أحبوا أعداءكم، وأحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا للذين يسيئون إليكم، وهو نفس فعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حينما كان يلقى في مكة قبل الهجرة من طغاة قريش الأذى الكثير، فيضرب عنهم صفحاً وعفواً، ولما عاد إلى مكة فاتحاً ظافراً عفا وصفح مرة أخرى عمن آذاه، لأن الصفح والعفو خير لا يعرف جنسا ولا لونا ولا لغة ولا مذهبا، إنما يعرف القلب المملوء بالحب والخير لكل الناس أيا كانوا.

النبي صلي الله عليه وسلم يقول: “العفو لا يزيد العبد الا عزا فاعفوا يعزكم الله”، وقال: “إذا بعث الله الخلائق يوم القيامة نادي منادي العرش ثلاث مرات يقول: يامعشر الموحدين ان الله قد عفا فليعف بعضكم عن بعض”، وقال أيضا: “من كظم غيظا وهو قادر على ان ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين ما شاء”.

وفي الأثر: “اذا جمع الله الخلائق يوم القيامة ينادي مناد: ألا ليقم أهل الفضل فيقال لهم أدخلوا الجنة، فتقول لهم الملائكة: إلى أين؟ يقولون: إلى الجنة، تقول لهم: قبل الحساب؟؟ يقولون: نعم، تقول لهم من انتم؟؟ يقولون: اهل الفضل، تقول لهم: وما فضلكم؟؟ يقولون: كنا إذا جهل علينا حلمنا، وإذا ظلمنا صبرنا، وإذا أسيء إلينا غفرنا، فتقول لهم: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين”.

في بداية العام الجديد ادعو معي بهذا الدعاء المأثور، الحمد لله رب العالمين، اللهم ان هذا عام جديد قد أقبل وسنة جديدة قد أقبلت، نسألك من خيرها ونعوذ بك من شرها، ونستكفيك فواتها وشغلها، فارزقنا العصمة فيها من الشيطان الرجيم، اللهم إنك سلّطت علينا عدوا بصيرا بعيوبنا ومطلعا على عوراتنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم، اللهم آيسه منا كما آيسته من رحمتك، وقنّطه منا كما قنّطته من عفوك، وباعد بيننا وبينه كما حُلت بينه وبين مغفرتك، إنك قادر على ذلك وأنت الفعال لما تريد.. آمين.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x