التفاؤل ليس مجرد سلوك إيجابي لتحقيق النجاح في حياتنا، لكن ديننا الحنيف حثنا على التفاؤل دائما، وأخبرنا أن هذا السلوك هو أساس قاعدة إيمانية مفادها إن من يتوقع الخير يحصل عليه، ومن يتوقع الشر يحصل عليه أيضا، حيث أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي رواية عن رب العزة: “أنا عند ظن عبدي بي ، إن ظن خيراً فله وإن ظن شراً فله”، فالله تعالى “بحكمته وعلمه” يعطي الإنسان على قدر ما يظن فيه ويمنع عنه بقدر ما يسيء الظن فيه، فالمتفائلون يجدون الخير أمامهم لأنهم يتوقعونه من الله على الدوام، وعكس ذلك يجد المتشائمون.
فالمسلم مأمور أن يتفاءل في كل خطوات حياته، حتى إذا واجه مشكلات أو عقبات، وحتى يتم ذلك لابد أن يلتمس كل منا آيات وعلامات يستخدمها كلما واجه مواقف صعبة في حياتنا -وما أكثرها- لتذكرنا بمنهجية التفاؤل إذا نسيناها أو افتقدناها، ومن هذه الآيات قوله تعالى: “إن مع العسر يسرا” فعندما ينزل بالمسلم البلاء يتذكر قول الله تعالى: “فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا” فتبعث في قلبه التفاؤل بأن فرج الله قادم لا محالة مصداقا لقوله، فالمسألة مجرد وقت، وليس بالوقت البعيد ، لأن الله سبحانه وتعالى وعدنا باليسر مع العسر، وليس اليسر بعد العسر.
هناك أيضا آية “وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم” فعندما ينزل بالمسلم بلاء يتذكر قوله تعالى: “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون”، لا شك ن هذه الآية الكريمة تبعث التفاؤل الغيبي في النفس ثقة في خير الله تعالى لنا وإن كنا لا نعلم حكمته، يقينا منا في الله.
ومن العلامات التي يجب أن نتذكرها وتبعث فينا التفاؤل عند مواجهة الشدائد “ما يصيب المسلم من وصب”، فكلما تكاثرت علينا المصائب يجب أن نتذكر أن المؤمن مصاب، ونتفكر في الأجر الذي سنناله، مصداقا لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا همّ ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكُّها إلا كفر الله بها من خطاياه”، فنستبشر ونفرح بذلك أشد الفرح لأننا بهذه العلامة علمنا أن هذا البلاء طريق إلى تكفير السيئات ورفع الدرجات فتطمئن بذلك القلوب.
ومن العلامات الهامة أيضا تغيير أسلوب تخاطبنا مع أنفسنا، باستخدام نفي الكلمات المتفائلة بدلا من الكلمات المتشائمة، كأن نقول: أنا غير سعيد بدلا من أنا حزين، أو نقل لم أوفق بدلا من أنا فشلت.
إن الواقع المرير الذي نعيشه الآن يستدعي التمسك بسلوكيات التفاؤل لتضئ لنا الطريق، وتشحذ هممنا لمواجهة التحديات من حولنا.