سألت صديقي الذي لم ألتقيه منذ زمن بعيد، ألاحظ عدم رضاك الدائم عن عملك، بالرغم من أننا جميعا نتمنى الحصول على فرصة عمل في شركتك.
-في الحقيقة ان وظيفتي في هذه الشركة ليست هى سبب مشكلتي، ولكن المشكلة التى تواجهني وتواجه بعض الزملاء معي، هى السيد “كعطي“.
ومن هو السيد كعطي هذا؟ّ!
-كعطي هذا هو لقب احد الموظفين الذي يعملون معنا في الشركة، لا أعرف لماذا لقبه الزملاء بهذا الاسم، ولكن ما أعرفه جيدا أن هذا الزميل هو مشكلتي فى الشركة، فعندما تقابل هذا الشخص يبدو لك انه شخصية محترمة، ذو نفس طيبة، وأخلاق عالية، حتى ومع مرور الوقت لا تكتشف أي صفات غير عادية على زميلنا هذا، بل يزداد تواصلك معه وتتوطد علاقتك به، حتى إنك لتجد نفسك تنزلق معه في حوارات وفضفضات خاصة، تخرج فيها بعض مشكلاتك وأسرارك، ولم لا، وهو شخص يبدو صديقا صدوقا، ودودا وصاحب قلب كبير!!
إذن ما هي المشكلة في هذا؟!
-المشكلة تكمن في انك حتى تكتشف هذا الكعطي، وتتأكد مما يخفيه بداخله من حقد وحسد وكذب ونفاق، تكون قد تورطت معه في أشياء كثيرة تخصك، من آراء ومشاعر وأحاسيس صارحته بها، وللأسف فإنه يستغلها بشكل سيء بالتحوير والحذف والإضافة، بما يشوه بها صورتك أمام زملائك، الأمر الذي يسبب لك مشكلات كثيرة.
لا تحمل نفسك أكثر من طاقتها، فهذا النموذج دائما ما ينكشف للجميع حتى ولو بعد حين، وبالتالي فإن سمومه لا تؤثر كثيرا في الناس.
-في الحقيقة ان مشكلة كعطي هو قدرته على خداع زملاء كثيرين بقدرته على إظهار نفسه في صورة مثالية، وهنا تكمن المشكلة، فهو يقول مالا يفعل، ويفعل عكس ما يتشدق به، ويتصور أن كل الناس تصدق ما يقوله، حتى وصل لدرجة انه هو شخصيا صدق كذب نفسه!
المهم انك أنت شخصيا اكتشفته، وهذا يحل جزءا كبيرا من المشكلة، ولكن هل هو عرف انك اكتشفت ما يقوله ويفعله من وراء ظهرك؟
– بالتحديد لا أعرف إذا كان عرف أنه فُضح أمامي تماما أم لا، ولكن أغلب الظن أنه لم يكتشف الأمر بعد، فهو يغتابني ويبهتني، يتهمني بأشياء ليس لها أى أساس من الصحة، ويحملني مسؤولية أى أخطاء أو مشكلات أو كوارث، تحدث له أو لأى طرف ثالث نعرفه، لمجرد تشويه سمعتي، ويقطع أى علاقة لي بأى شيء ايجابي أفعله وينسبه لشخص آخر، ويجعلني محور أى حديث سلبي يدور أمامه، وبعد كل هذا فإنه أول من يرحب بي عندما يراني، وأكثر من يحكي لي انه رد غيبتي أمام فلان وفلان، ودائما ما يستنجد بي ويطلب منى أن أساعده في حل مشكلاته!
ولماذا تسكت على كل هذا؟!
-يكفى أن أرى الضعف والنفاق في عينه وهو يحدثني، وأتأكد كم هو صغير أمامي عندما يغير كل ما كان يقوله من ورائي من السلب إلى الإيجاب، متوهما انني أصدق ما يقول، في الحقيقة إنني أشفق على ضعفه وغبائه.
إذن أنا لا أرى مشكلة، فلماذا أنت غير راضٍ؟!