العزوف عن المشاركة في صنع القيادات والقرارات، أكبر المشكلات التي تواجه المجتمعات الواقفة على أعتاب الديمقراطية، فكيف لأمة تريد أن تصنع قراراتها بنفسها، لا تتحمس للمشاركة في اختيار من سيتخذ قراراتها، وكيف لشعب يشتكى من أن قرارات حكامه لا تمثل اتجاهاته وقناعاته، لا يسارع باختيار هؤلاء الحكام اذا واتتهم الفرصة لذلك، فإذا أردنا بالفعل ان نحكم أنفسنا بأنفسنا، فالمسؤولية تبدأ من أنفسنا نحن، لابد ان نكون ايجابيون أولا، ثم بعد ذلك نحسن اختيار من سينوب عنا في اتخاذ القرارات التي تتحكم في مصائرنا.
أقول هذا الكلام بعد أن أغلق أمس باب الترشيح لانتخاب مجلس آباء المدرسة المصرية للغات، حيث من المتوقع ان يبقى الإقبال على الترشيح لدخول المجلس ضعيف جدا، امتدادا لحالة العزوف السائدة من السنوات الماضية.
والحقيقة انني اعتبر حالة العزوف هذه من الظواهر السلبية التي ضربت مجتمعاتنا، إلا ان بعض الناس يمتلكون بعض المبررات –لا أعترف بها شخصيا– والتي قد تكون مقبولة للبعض، أهم هذه السلبيات كما سردها لي بعض أعضاء مجالس الآباء السابقين هي التهميش، فكيف بالله أن يقبل عضوا في أي مجلسا كان، ان يكون مجرد قطعة ديكور في كيان هش، الغرض منه إظهار صورة ديمقراطية معينة لإخفاء صور ديكتاتورية أخرى، كيف لمجلس أن يجتمع ويبحث ويناقش ويتخذ القرارات والتوصيات، ثم بعد ذلك تُضرب بهذه القرارات عرض الحائط، ليس لكون هذه القرارات أو التوصيات ليست على المستوى المطلوب أو الصحيح، وإنما الرفض من أجل الرفض، أو من أجل مصالح شخصية، أيا كان شكلها وحجمها وطبيعتها، ستتحقق بهذا الرفض، ناهيك عن المناوشات والمشاجرات، والشد والجذب، وعدم وضع المصالح العليا هدفا واضحا نصب أعين الجميع.
سلبيات كثيرة بتفاصيل متشعبة لا أريد الخوض فيها، واجهت مجالس الآباء السابقة، بعضها بسبب أعضاء المجالس أنفسهم، وبعضها تركة بالية ورثوها من المجالس السابقة، أثرت على فاعلية المجلس في أداء مهمته من جهة، وعلاقاته بمن حوله من جهة أخرى.
كل ما أتمناه ان نطوى هذه الصفحة بسلبياتها وايجابياتها، وان نفتح صفحة جديدة من العمل التطوعي العام، نقدم فيها كل ما نستطيع تقديمه للارتقاء بمدرستنا، ووضعها في مكانها الصحيح والطبيعي بين مدارس الجاليات، فقط يجب علينا ان نتذكر قوانين العمل التطوعي وأهدافه، فليس المهم أن أكون أنا أو أنت عضو في مجلس الآباء أو الإدارة أو الأمناء، ولكن المهم من فينا يستطيع العطاء بدون مقابل أو مصلحة شخصية، المهم ان نحسن نوايانا، ونصفي قلوبنا، وقتها فقط سيكون للمدرسة الشأن الذي نتمناها جميعا.
اعتقد ان الوقت الآن مهيأ لهذا أكثر من أي وقت مضى.
فكرة للتأمل:
الفوز التاريخي الكبير الذي حققه النادي الأهلي بفوزه ببطولة أفريقيا، وتأهله لكأس العالم للأندية للمرة الثانية على التوالي، كان له أكثر من ايجابية، إلا ان شعوري وشعور الكثير من حولي بفرحة صادقة نابعة من القلب لم نشعر بها منذ فترة طويلة، كانت أهم هذه الايجابيات.