في حوار ممتد على ثلاث حلقات مع صحيفة “المصري اليوم”، تحدث الدكتور أحمد فتحي سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، عن مآخذ النظام السابق وأخطاؤه، تحدث وكأنه معارضًا للنظام لفساد وانحرافاته، حيث أوحى لنا الدكتور سرور خلال حوار، أنه كان قلبه وعقله مهموم بالاعتراضات والملاحظات على النظام السابق، لكن الأمر المثير للسخرية أن هذه الاعتراضات والملاحظات لم تظهر وتتفاعل إلا بعد أن فقد منصبه واستشعر بنشوب الثورة!
فالدكتور سرور الذي شغل منصب رئيس مجلس الشعب لمدة 21 عامًا متواصلة، يتحدث الآن عن “الغباء السياسي” و”التجاوزات” و”الانحرافات”. وكأننا أمام رجل لم يكن شريكًا في صنع هذه الحقبة المظلمة من تاريخ مصر، بل كان مجرد متفرج!
وتحدث سرور عن شكواه المتكررة من استئثار الحزب الوطني بالمقاعد وفساد الانتخابات، لكنه لم يكن في نظر نفسه سوى “رجل مظلوم” يعاني من تجاهل المسؤولين له!
الحقيقة إنني كنت احتاج إلى وقفة لأفهم: كيف يمكن لرجل شغل هذا المنصب الحساس طوال هذه المدة، ومرر كل القوانين المشينة، أن يتحدث عن “عدم رضاه” و”قلقه” من الأوضاع؟! الدكتور سرور لم يكن مجرد موظف، بل كان أحد الأعمدة الرئيسية للنظام، الذراع التشريعية للحزب الوطني وأحد أدواته البارزة في تمرير أجنداته وإخفاء أخطاؤه وفضائحه، وكان دائمًا حاضرًا للدفاع عن الحكومة وتبرير التجاوزات الأمنية والقانونية، ولم يكن يفوته فرصة لإجهاض أي محاولة للإصلاح أو للرقابة الجادة.
يتحدث سرور أيضًا عن معارضته الشديدة لتمديد حالة الطوارئ، وعن معاناته الصحية التي ألحقتها به تلك القرارات، لكننا لم نسمع يومًا عن استقالته احتجاجًا على تلك الانتهاكات، لم نرَ هذا “المناضل” يغضب لكرامته أو لكرامة المجلس الذي يرأسه، بل كان دائمًا مستعدًا للتواطؤ، حتى حينما تم تغييب تقارير جهاز المحاسبات أو تم تجميد الاستجوابات المتعلقة بالفساد ونهب الأراضي.
وفي نهاية الحوار، لم ينسَ الدكتور سرور أن يعلن تأييده للثورة ومبادئها، مشيرًا إلى أنه كان دائمًا محذرًا من “أن هناك شيئًا خاطئًا”، ويبدو أن ذاكرته الانتقائية فضلت نسيان أن الثورة كانت ضد نظام كان هو أحد أعمدته الرئيسية، وأن الثوار لم يخرجوا فقط ضد مبارك، بل ضد كل رموز الفساد والتواطؤ.
إذًا، الدكتور سرور الذي لم يخرج قط خارج جلباب النظام، يتحول الآن إلى ناقد ومحلل لعيوب الفترة التي كان جزءًا لا يتجزأ منها، لقد أتقن دور “المناضل الصامت” الذي كان يرى ويسكت، ويعاني بصمت، حتى جاء الوقت المناسب ليتحدث بعد أن أصبحت الثورة حقيقة واقعة.
الحقيقة المؤلمة التي لم أعرف سواها، هي أن الدكتور سرور لم يكن سوى جزءً من النظام الاستبدادي الذي أدار مصر لسنوات طويلة، وما حديثه الآن إلا محاولة يائسة للتبرؤ من ماضٍ لم يعد يمكن الدفاع عنه.