مقالات سياسية

حماية الثورة من إعادة إنتاج النظام القديم

في هذه اللحظات الحاسمة، يتعين علينا جميعا حماية الثورة من الانحراف عن مسارها الصحيح، الأولوية الآن ليست في الوصول إلى الحكم بقدر ما هي في ضمان أن تظل إدارة البلاد متماشية مع روح الثورة وأهدافها، لا يمكننا تجاهل حقيقة أن الثوار ليسوا كتلة واحدة، بل هم مجموعات متنوعة وأفراد متعددون، لا يمكن لأي جهة أن تحتكرهم أو تحتويهم بالكامل.

ما شهدناه في الأشهر الأخيرة من إدارة البلاد لا يعكس طموحات الثورة، بل يزيد من خيبة الأمل، فالبطء في الأداء الحكومي والبطء في إنفاذ العدالة لا يخدم الثورة، بل يقتل روحها ويبدد طموحاتها، السيطرة التي يمارسها بعض المسؤولين ممن يمكن وصفهم بـ”أصحاب الأيدي المرتعشة”، واحتكار القرارات، والتشبث بالمواقف القديمة، كلها أمور تضر بالثورة، فلا يمكننا قبول استمرار المسؤولين من النظام السابق في مواقع اتخاذ القرار، ولا يجب أن تبقى البلاد تحت قيادة حكومة ذات كفاءات محدودة.

لا يجوز الاستمرار في محاكمات عسكرية للمدنيين، في الوقت الذي يتم فيه التهاون مع المسؤولين السابقين الذين يواجهون اتهامات مالية هامشية بعيدا عن جرائمهم الحقيقية التي قامت من أجلها الثورة، لا يجوز تعيين محافظين غير مؤهلين من خلال اختيارات غير نزيهة. لا يمكن العودة إلى نفس الأساليب التي كانت متبعة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك وأجهزته الأمنية.

الثوار أعلنوا بوضوح رفضهم لأي تواطؤ أو تباطؤ في تحقيق أهداف الثورة، في الوقت الذي بدأت تظهر دلائل على أن المجلس العسكري وحكومة عصام شرف يحاولان إعادة مصر إلى وضع ما قبل عام 2002، فقرارات وسلوكيات إدارة البلاد الحالية توحي بأن عملية اتخاذ القرار في مصر لم تتغير بعمق.

الضرورة الآن تقتضي حماية ثورة يناير من التحول إلى مجرد انقلاب أو هيمنة تيار معين على حساب الديمقراطية، أو تسلل أعداء الثورة إلى مراكز اتخاذ القرار، الثورة يجب أن تبقى في يد الثوار، وأولوية الاستماع لمطالبهم والاستجابة لها هي الأساس، وليس لمن يلقننا دروسًا في التروي أو يفرض علينا قيودًا جديدة.

الثوار يحتاجون إلى إجابة واضحة من المجلس العسكري: هل المجلس يدير الثورة فعلاً، أم يعيد تشكيل دولة مبارك بتعديلات شكلية؟ الثورة لم تكن فقط ضد شخصيات محددة مثل أحمد عز أو زكريا عزمي أو حبيب العادلي، بل كانت ضد نظام حكم استبدادي، هذا النظام قد يُعدّل أو يُحسّن، لكننا لا يمكن أن نكتفي بتغييرات سطحية عليه.

الثورة، بطاقتها وحماستها العظيمة، تعبر عن تصميم لا يتزعزع على تطهير النظام وإحداث تغييرات جذرية وشاملة، لا يمكن تجاهل هذه الرسالة؛ الثوار مصممون على عدم السماح بإهدار دماء الشهداء، الثورة تقود، ولن يسمح لأحد من خارجها بقيادتها أو فرض إرادته عليها.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x