اختلفت الأساليب وتعددت ولكنها اجتمعت على الهدف: سرقة حضارة، فبعد أن استولوا على الأرض بقي أن يبحثوا عن الحضارة !
لو ان شخصاً جاء إلى بيتك وقال أمام الناس إن هذا البيت بيته هو ومشى، ولم تعلق انت صاحب البيت الحقيقي على ذلك، اعتقاداً منك أنه مجنون، وأن أحدا لن يصدقه، ومع تكرار الموقف يوميا، وبعد مرور سنة واحدة فقط، يمكن أن يتسرب الشك إلى نفوس البعض، بل يمكن أن يصدقه أحدهم، سيقولون إننا نسمعه دائماً يقول أن هذا البيت بيته، ولم يرده أحد.
جالت برأسي تلك الأفكار، وانا أقرأ خبراً عن دراسة حديثة مترجمة مفادها ان اليهود هم بناة الأهرام!!
انهم يجيدون صناعة الأسطورة، فاليهود يبحثون عن حضارة بعد أن سرقوا الأرض، يبحثون عن الجذر والأصل، يريدون صنع الأسطورة بأي ثمن ووسيلة، كل الأبحاث والدراسات العلمية المحايدة أثبتت أن اليهود ليس لهم صلة ببناء الأهرامات، فهرم خوفو وأبو الهول يرجعان إلى الأسرة الرابعة أي منذ أكثر من 1500 عام، ومن المؤكد أن اليهود لم يكن لهم وجود في مصر في ذلك الوقت، لم تكن هناك جالية يهودية أو حتى عبرية، فأول ظهور لليهود في مصر يرجع إلى القرن السابع قبل الميلاد، بينما بني الهرم في القرن 28 قبل الميلاد، أي أن هناك فرقا يزيد على 2000 عام ما بين بناء الأهرام وظهور اليهود في مصر.
ولكن اليهود لجأوا إلى طريقة سارق البيت، فعمدوا إلى الاعلام والدعاية والدراسات المختلقة والمشككة لترديد انهم بناة الأهرام الحقيقيون، ومع مرور الوقت ستعتاد الأذان على هذه الأكاذيب ومع عدم وجود مضادات للفكرة التي ينشرونها تنشأ الاسطورة.
وقف مناجم بيجن، رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق أمام الأهرامات بصحبة الرئيس الراحل السادات عندما كان في زيارة المصر، وقال هذه امجاد أجدادي بناة الأهرامات، لم يعلق السادات ولم يعقب أحدا، وكأن الطير على رؤوسهم، تناقلت الوكالات هذه الكلمات وجعلت منها نواة للأسطورة، ومنذ ذلك الحين اتخذت هذه الادعاءات شكل البحوث والدراسات والمحاضرات منذ ذلك الحين وحتى الآن.
تقول إحدى هذه الادعاءات إن هناك تطابقا شكليا ومكانيا بين الأهرامات الثلاثة على الأرض وبين مجموعة نجوم تسمى الأوريون في السماء، وأن هذا إنجاز علمي ومعماري لا يمكن أن يقوم به المصريون وحدهم إشارة إلى مشاركة اليهود، ولا دليل.
دراسة أخرى قالت أن الاهرامات وأبو الهول نتاج حضارة سكان قارة اطلانطس المفقودة، الذين فروا من الغرق وسكنوا مصر، إشارة إلى اليهود، ولا دليل أيضاً.
اذن تعددت الأساليب والهدف معروف، فماذا فعلنا نحن؟ أین دور خبراء الآثار ليردوا بالأسانيد والدلائل التي لا تدع مجالا للشك على تلك الافتراءات؟ أین دور رجال البحث العلمي؟ أین دور رجال الاعلام؟ أین دور السفارات والمكاتب الثقافية والفكرية حول العالم؟
الرد القوى والتصدي الحازم والتعامل مع الأمر بكل جدية، واجب قومي مشترك، لا يمكن التخاذل عنه، إذا كانت اسرائيل سرقت وأغتصبت الأرض بالقوة، وتبحث الآن عن الحضارة فماذا نحن فاعلون ؟
السكوت على هذه الادعاءات جريمة، ولابد أن يكون الرد على قدر التحدي…
دعوة للتأمل:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).