في المشهد المصري الحالي، كل الأطراف تعيش في حالة من الرضا عن النفس، لكن البلاد تغرق في الفوضى والاضطراب. المجلس العسكري يرى أن خطواته وقوانينه تصب في مصلحة الوطن، ويشيد بجدول الفترة الانتقالية والمحاكمات العسكرية، بل ويرى أن الشعب يجب أن يشكره على ما يقدمه.
الحكومة بدورها تتحدث بفخر عن إنجازاتها، معتبرة أي انتقاد لها هجوماً غير مبرر، وهو إما من الفلول أو من قوى معادية.
الثوار، بدورهم، يشعرون أنهم قدموا لمصر ما تستحقه من تغيير حقيقي بعد حقبة طويلة من الظلام، ويرون أن التظاهرات المليونية هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ الثورة.
أما الأحزاب، سواء القديمة أو الجديدة، تعتقد أن استراتيجياتها هي الصحيحة، بينما يعتبر الإخوان المسلمون والسلفيون أنفسهم في موقع الحق.
ورغم هذا الرضا الجماعي، تبقى الفوضى والانفلات والفشل هي السمة السائدة، فكيف نعيش هذه الحالة من الإحباط والارتباك في ظل هذا الرضا؟!
وعلى الجانب الآخر، تتفاقم الأمور بتصريحات متضاربة حول وجود مؤامرات، فالمجلس العسكري يتهم بعض الثوار بالتآمر على مصر وتلقي تمويلات خارجية، النظام السابق بدوره، يتحدث عن مؤامرة ضد استقرار البلاد وأمنها.
الثوار يتهمون المجلس العسكري ووزارة الداخلية بإحداث العنف لتشويه الثورة وإطالة الفترة الانتقالية، والإسلاميون يعتقدون بوجود مؤامرة ضدهم، متهمين العلمانيين والليبراليين بتدبيرها.
أما العلمانيون والليبراليون فيظنون أن هناك تواطؤاً بين السعودية والمجلس العسكري لتسليم السلطة للإسلاميين وتفكيك الدولة المدنية.
أما ما أجمع جميع الأطراف عليه فهو أن الحزب الوطني وفلوله هم من يدبرون المؤامرات ضد الثورة والوطن، رغم سقوطه في 25 يناير، فهل يمكن لحزب ضعيف أن يدبر كل هذه المؤامرات؟
إذا كان الأمر الحاصل أن كل طرف يلقي باللوم على الآخر، ويعتبر نفسه على حق، والجميع يعيش في أوهام الرضا بينما تتفاقم الأزمات. فمن إذن المسؤول عن الفوضى التي تشهدها مصر؟ ومن سيضع حداً لهذه الفوضى، ومن سيقود البلاد نحو الاستقرار؟