مقالات اجتماعية

الحجامة

كثر الكلام عن الحجامة هذه الأيام بشكل لافت للنظر، وتناولت الصحف في الفترة القصيرة الماضية عدة آراء مختلفة ما بين مؤيد ومعارض لهذه الممارسة القديمة الحديثة، واحتد الجدل بين مؤيديها ومعارضيها، من أصحاب مدرسة الطب الشعبي والطب البديل، وأصحاب مدرسة الطب الحديث، ورغم أن لكل من أصحاب الرأيين وجاهته ومبرراته التي يدافع بها عن وجهة نظره، إلا أن المتابع لهذا الجدال الدائر يندهش من جدوى فتح باب المناقشة في هذا الموضوع الآن.

فالثابت أن ممارسة الحجامة بدأت منذ عهود قديمة جدا، فقيل إن المجتمعات البشرية عرفتها قبل 2200 عام قبل الميلاد، بدءً من عهد الفراعنة، ومرورا بالأشوريين والصينيين وغيرهم، وقد أقر الإسلام هذا النوع من العلاج، بل ومارسه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وورد في ذلك أكثر من حديث صحيح، في تنظيمها وأوقاتها وطريقة ممارستها، بل والثناء عليها، فقال صلى الله عليه وسلم: “خير ما تداويتم به الحجامة”.

ومن هنا بدت دهشتي بل وانزعاجي من أصحاب الرأي الآخر، الذين شككوا في جدوى الحجامة، برغم معرفتهم بقدارتها الثابتة، بل وذهب البعض منهم إلى ما هو أكثر من ذلك، بأن صنف الطب الكيميائي بأنه الطب الثابت الوحيد، وإن ما عدا ذلك يندرج تحت مسمى الخرافة والدجل !!

أعرف أنه يجب أن تكون هناك جهة ما مسؤولة عن تنظيم هذه العملية، وأن تكون هناك ضوابط مشددة على ممارسي الحجامة، وأن تكون هناك عقوبات مشددة على كل من يخالف هذه الضوابط والمحاذير، ولكني لا أعرف كيف يسفهون ويشككون في أمر الحجامة، وهي سنة ثابتة من رسولنا الكريم.

في مصر – على سبيل المثال – يوجد مركز يقوم بتعليم الحجامة وطريقة ممارستها بالمجان، وذلك كنوع من إحياء السنة المباركة، بل إن بعض الأطباء هناك بدأوا يستخدمون الحجامة لعلاج بعض مرضاهم من بعض الأعراض.

وفي الصين تمثل الحجامة مع الإبر الصينية أهم ركائز الطب البديل حتى الآن، وفي بعض البلدان الأوروبية -وعلى رأسها ألمانيا- تقام المؤتمرات والندوات السنوية التي تركز على إحياء علوم الطب البديل، وعلى رأسها بالطبع الحجامة، بل وهناك بالفعل خطوط إنتاج لأحدث أدوات الحجامة، وأجهزة التعقيم الخاصة بها، والتي لا تقل تقنية وأداء وأمانا عن تلك الأجهزة التي يستخدمها ممارس الطب الكيميائي.

إننا في مجتمعاتنا الإسلامية مطالبون بإحياء السنة المحمدية، والحجامة إحدى هذه السنن الثابتة التي يجب أن نتمسك بها ونحرص على تطويرها وتفعيلها بدلا من اتهامها ومحاربتها.

 

دعوة للتأمل

قال الله تعالى في سورة الأحزاب: (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)، الآية 21.

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x