مقالات سياسية

المؤامرات المزعومة.. غياب الأدلة والإجراءات

 

في الآونة الأخيرة، تكررت الأحاديث حول “مؤامرات” تُحاك ضد مصر، سواء من قبل المجلس العسكري أو حكومة عصام شرف، مما أثار قلقاً واسعاً بين المواطنين. لكن هذه التصريحات تظل مبهمة وغامضة، ولا تقدم إجابات واضحة للأسئلة البديهية: من هم المتآمرون؟ وأين تفاصيل هذه المؤامرات؟ وفي ظل غياب الأدلة، يبدو الأمر وكأنه تحليل مبني على افتراضات وليس على حقائق ملموسة.

حتى الآن، لم نرَ سوى تصريحات إعلامية صاخبة، لكنها تخلو من أي دليل يدعمها. نحن نسمع عن قتلى ومؤامرات، لكننا لا نعرف من هم المسؤولون عنها ولا الظروف التي أحاطت بهذه الأحداث. ما يثير القلق هو الاستمرار في الحديث عن وجود مؤامرات دون أي تحقيقات شفافة تكشف هويات المتآمرين، أو توجهات واضحة لمحاسبتهم.

تتكرر هذه الأحاديث في كل مرة يتحدث فيها المسؤولون عن المظاهرات الفئوية أو أعمال العنف، مما يجعلنا نتساءل: لماذا لا يتم الكشف عن هوية هؤلاء المتآمرين وتقديمهم للعدالة؟ لماذا لا نشهد تحقيقات شفافة تُظهر الأدلة وتكشف الحقائق؟ إن استمرار هذه السياسة من شأنه أن يفاقم الشكوك ويزيد من انعدام الثقة بين الشعب والسلطة.

المثير للقلق هو أن هذا الخطاب يشبه إلى حد كبير ما كان يردده نظام مبارك السابق، حيث كانت كل احتجاج أو مظاهرة تُعتبر مؤامرة أو تحركاً مدفوع الأجر. هذه العقلية التي تسعى إلى تحويل كل اعتراض إلى أجندة خفية، لا تساعد على بناء الثقة أو تقديم حلول فعلية. الإدارة الجديدة التي جاءت بعد ثورة يناير، عليها أن تثبت جديتها ومصداقيتها من خلال تقديم أدلة واضحة عند الحديث عن المؤامرات، وتجنب نشر معلومات غير مؤكدة.

وإذا كانت الأجهزة الأمنية تفتقر إلى الأدلة والبراهين، فمن الأفضل أن تتوقف عن رفع مثل هذه التقارير. فالحديث عن مؤامرات بدون دليل ليس فقط غير مسؤول، بل يفتح الباب أمام تفسيرات وتأويلات مختلفة، مما يضعف من موقف السلطة ويعطي انطباعاً بعدم الكفاءة في التعامل مع القضايا الوطنية.

نحن نعيش في فترة انتقالية صعبة وحساسة، ولكن ينبغي لنا أن نتجاوز هذه المرحلة بأمان ونجاح، وأن نسعى لتحقيق التقدم والاستقرار بدلاً من الانزلاق نحو الفوضى والشائعات.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x