أعتقد أن أي انسان عاقل يسعى أن يكون انسانا جذابا ومحبوبا بين الناس الذين يعرفهم ويعيش معهم، ولأن كل هدف يحب أن يدركه الانسان يجب أن يبذل فيه الجهد والعرق حتى يصل اليه، فان هذه الأمنية الغالية لا ينالها إلا صاحب فضائل وخصائص تؤهله لنيلها.
وقد يعتقد البعض ان نيل محبة الناس يأتي بالكرم، ويعتقد آخرون ان محبتهم قد تأتي من المنزلة والحسب والمنصب، ويذهب آخرون الى فضائل أخرى متعددة، ومع تسليمنا باحتمالية صحة هذه الافتراضات في بعض الأحيان، إلا ان هذه الفضائل لا تمنح أبدا حب الناس واعجابهم، ولا ترفع شأن صاحبها ولا منزلته، لانه إذا اقترنت بحسن الخلق، وبمعنى آخر فإن حسن الخلق هو ملك الفضائل، لانه ما كان مع خصلة إلا زانها، وما نزع من خصلة إلا شانها.
وعلى الرغم من أن حسن الخلق هو ملك الفضائل، إلا انه أسهل فضيلة يمكن أن يتحلى بها الانسان، فالكرم والصدق والأمانة والعدل شيم يصعب على البعض التحلي بها، إلا ان حسن الخلق لا يكلف الناس الكثير، فمجرد معاملة الناس بوجه بشوش مبتسم الملامح، يعطينا مزيدا من النقاط لكسب حب الناس وارتياحهم، واستعدادهم لتقبل رأينا وعدم تشبثهم برأيهم، ذلك مجرد الابتسامة فقط، أما إذا احسنا التعامل مع الناس وجاملناهم، وأطبنا قولنا وفعلنا معهم، فذلك شيء آخر تماما.
أما وإنه قد هل علينا الشهر الفضيل، فلنا أن نستشعر هذه الفضيلة، نفعلها بداخلنا أولا، ونشعر بها الناس من حولنا، وقتها فقط سنشعر بحلاوة حسن الخلق.
غير ان أكثر ما يضايقني من أخلاق بعض المسلمين في رمضان، خاصة مع الذين يعملون ويتعايشون مع مسلمين لا يصومون، أو مع غير مسلمين، هو تظاهر بعض الصائمين بالضعف والوهن، والجوع والعطش، طوال اليوم، وانتظارهم وترقبهم لموعد الإفطار، وانتظار انتهاء رمضان بفارغ الصبر، سواء بقصد أو بغير قصد، وكأنهم يصومون رغما عنهم، وبعيدا عن فضائل رمضان التى لا يعرفها هؤلاء، فيجب عليهم ألا يظهروا هذه المشاعر، بل عليهم استشعار حلاوة الصيام ومغزاه، وإخبار الناس بها، وتشجيع من لا يصوم على الصيام والفوز بفضائله.
أيضا ما يأخذه عنا الغير، هو عدم تحلي الصائمين بحسن الخلق في رمضان، فتجد بعض الأشخاص يتعاملون بشكل فظ مع الناس، بحجة انهم صائمون وغير متحكمين في أعصابهم وتصرفاتهم، وهذا بالطبع يسيء للإسلام قبل أن يسيء لهؤلاء الأشخاص أنفسهم.
ومن الأمور التى تسيء للمسلمين في رمضان هو التكاسل عن أداء العمل وتعطيله وعدم القيام به بالشكل الأكمل بحجة الصيام وعدم القدرة على العمل، وهو تناقض كبير بين هذه المزاعم وبين كل الشواهد التاريخية لأمجاد المسلمين في رمضان، وكذلك الأبحاث الطبية التى أثبتت غير ذلك.
يجب أن نكون على قدر الأمانة التى حملناها ونحن نستقبل شهر العبادة والصوم، شهر الخلق والعمل، يجب أن نكون سفراء حقيقيين للإسلام، ولن يكون ذلك إلا بحسن الخلق.