مقالات اجتماعية

كل شيء ينتهي

انقضى رمضان، انتهى الشهر كأنه أيام، هكذا أصبح حالنا الآن، كل شيء يمر من أمامنا بسرعة غير طبيعية، ونحن أمام هذا التلاحق بلا حول ولا قوة، فليست لدينا القدرة على إيقاف أي شيء، أو حتى تأجيله، هكذا هي الحياة التي نعيشها كل شيء له نهاية، كل شيء يموت، حتى نحن.

كل منا تمر عليه أوقات عصيبة في حياته، مصائب،محن، مرض، ابتلاءات كثيرة، أحيانا تمر بسرعة، وأحيانا تطول وتطول، وقتها يشعر الإنسان أن الحياة لن تعود كما كانت قبل هذه المحنة، هذه الحقيقة تتجلى لكثير من الناس، عندما يتعرضون لمرض، خاصة إذا طال أمد هذا المرض، يظنون أنهم لن يعودوا معافين كما كانوا قبل تعرضهم لهذا المرض، يعتقدون أن الأمور لن تعود أبدا كما كانت، وذلك من شدة المعاناة والتعب، لكن ما يحدث أن الإنسان يقوم مرة أخرى ويتعافى بقدرة الله ورحمته بنا، ويعود كما كان، وربما أحسن.

والمتأمل للجانب الإيجابي لهذه الفكرة، فكرة العيش تحت ضغط المحن، سواء المرض، أو فقد إنسان عزيز، أو ضياع ثروة، أو التعرض لظلم أو قهر، يخرج بنتائج إيجابية ذات معان عميقة، لو أراد ذلك، فكل منا عاش محنة بشكل أو بآخر، أحاسيس العيش داخل أجواء المحنة لا شك إنها صعبة بكل ما تحمله الكلمة من معان سوداء وقاسية، إلا أن الوضع بعد انتهاء المحنة يختلف تماما، فتجد الناس يتلذذون بقص أحداث المحن التي مرت بهم، وتجد بعض الناس يفتخرون أكثر بأنفسهم كلما كانت أحداث المحن التي مروا بها أصعب!

وبعيدا عن هذا الحكي والتفاخر، فإن الإنسان الفطن هو الذي يتفكر ويتأمل بعد الخروج من المحنة التي عاشها، والعودة إلى حالة التوافق والاستقرار النفسي، في الدروس المستفادة من هذه المحنة، والتي بلا شك تحمل الكثير من الأفكار والحكم والمواعظ، وقتها يشعر الإنسان بفضل الله ونعمته عليه، فلولا هذه المحنة ما كان ليعرف معدن فلان، ومدى حب فلان، وكره وشماتة فلان وفلان، وأسرار دفينة كثيرة تظهر وتتكشف في مثل هذه الأوقات، فضلا عن التأمل في التدخلات القدرية التي ينجينا بها الله من هذه المحن، وبالتالي التقرب أكثر منه.

وبالرجوع للفكرة الأساسية، فالعيش داخل أجواء المحن أمر صعب للغاية، لكن الإيمان بفكرة ان كل شيء ينتهي، يبقى الأمل والملاذ للخروج من هذه المحنة، كما يقول الشاعر: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها.. فرجت وكنت أظنها لا تفرج، ومصداقا لقول الله عز وجل: “إن مع العسر يسرا”.

إلا انه كما أن كل محنة تنتهي وتصبح مجرد ذكريات، فالأعم ان قاعدة الانتهاء هذه تلتهم اللحظات السعيدة أيضا، بل وتلتهم كل ما نحبه من حولنا، حتى تأتي اللحظة الحاسمة وتلتهمنا نحن، فننتهي إلى الأبد.

ويبقى السؤال، بعد ان انتهى شهر رمضان هذا العام، هل سيأتي علينا رمضان آخر وينتهي أيضا، أم سننتهي نحن قبل أن يأتي علينا رمضان آخر، فكرة يجب تأملها والاستعداد لكل احتمالاتها.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x