لم يكد مقال السيد “كعطي” يرى النور على صفحات العدد الماضي، حتى انهالت على الأسئلة والاستفسارات من كل صوب، بالهاتف والبريد الالكتروني ورسائل الجوال، من هو هذا الكعطي الذي تحدثت عنه، هل هو شخصية حقيقية تعيش بيننا، أم مجرد زميل الصديق الذي تحدثت عنه، وإذا كان شخصية موجودة بيننا بالفعل، فمن هو؟ هل هو فلان، أم فلان؟ أكيد هو فلان، نحن متأكدون أنك تقصد فلانا، هو الوحيد الذي تنطبق عليه أخلاق وصفات شخصية كعطي التي كتبت عنها.
لم أكن أتصور أن تكون ردات فعل أصدقائي وزملائي ومعارفي بهذا الحجم، فليست هذه المرة الأولى التي أكتب فيها عن صفات شخصيات “مؤذية” تعيش بيننا، ولن تكون الأخيرة بكل تأكيد، فمراقبة أقوال وأفعال الناس الذين أعيش بينهم تسيطر على حيز كبير من اهتماماتي، خاصة الناس غير العاديين سواء العظماء أو الحقراء، وذلك بحكم دراستي للعلوم النفسية والاجتماعية، وبحكم شغفي بتطبيق ما تعلمته وقرأته عن هذه النماذج، إلا إنني لابد أن أعترف هنا وأؤكد على أنني لا أملك حق تقييم الناس وتصنيفهم وإصدار الأحكام عليهم، وذلك بالطبع لعدة أسباب، أهمها من وجهة نظري أنني لست مؤهلا لذلك من الناحية الأكاديمية، ولا أدعي أبدا أنني أفضل من أي شخص أعرفه على الإطلاق.
إلا ان شخصية كعطي التى حدثني عنها صديقي، لا أعتبرها أبدا حالة فردية سببت له ألما أو إزعاجا أو حنى مجرد ضيق، فهذه الشخصية المعقدة تعيش بيننا جميعا في كل مكان، يكاد لا يوجد مكان لا يعيش فيه كعطي أو أحد من رفاقه، فكعطي هذا هو رمز سنة الله في أرضه، وذلك منذ أن بدأ الله الخليقة إلى أن يرث الأرض ومن عليها.
وكعطي هذا يمكن أن يجسد في صورة شخص يعيش بيننا، أو تظهر بعض صفاته في أناس آخرين، كل حسب قدرته، فشخصية كعطي شخصية متطورة ومتحورة، تستطيع أن تتلون بلون البيئة التي تعيش فيها، ومع الأشخاص الذين تتعامل معهم، تعرف متى تتكلم، وكيف تتكلم، وأين تتكلم، ومع من تتكلم، وفيم تتكلم، تعرف متى تثور وتصرخ وتصعٌد، وتعرف أيضا متى تستكين وتهادن، هى شخصية غير عادية كما قلت، ولكنها تنتمي الى الجانب الأدنى.
والتعامل مع كعطي من خلال خبرتي في التعامل مع رفاقه ليس له إلا طريقتان من وجهة نظري المتواضعة، فإما ان تسامحه على طول الخط وتتركه لخالقه، وتستعين على ذلك بالدعاء والورد المخصصين لمثل هؤلاء الناس، والموجودين في القرآن والسنة، وإما أن تضربهم ضربة قاتلة – ان استطعت – لا يقومون بعدها أبدا، دون تسامح أو هوادة، فان تسامحت معهم بعد أن أظهرت لهم قوتك، فستكون أنت أول ضحاياهم عندما يقومون مرة أخرى، ولو بعد حين.
أطرف ما في موضوع ردود الأفعال التي وردتني عن كعطي، هو أن رفاق كعطي الحقيقيين هم أول من سألوني عنه، وحددوا لي – ظنا – الشخص أو الأشخاص المقصودين به، وذلك في محاولة لإبعاد شبح كعطي عنهم!!