التليفزيون وفضائياته ليس هو الوسيلة التكنولوجية الوحيدة التي نسيء نحن العرب استخدامها كما ذكرت في المقال السابق، فالهواتف المحمولة والشبكة العنكوبتية أسوأ حظا من الفضائيات في سوء الاستخدام والاستغلال الأمثل!!
فبالرغم من مقولة أن الإنترنت جعلنا نعيش في قرية صغيرة، إلا أننا جعلنا من الإنترنت قرية صغيرة ليس لتبادل المعلومات والثقافات كالهدف الذي أنشئت من أجله، ولكن لممارسة كافة أنواع الرذيلة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، حتى أن التحرش الجنسي تربع على مقدمة أهداف الشباب العربي للدخول في غرف الدردشة!
فالعرب – حسب إحصائيات محايدة – أكثر شعوب العالم زيارة للمواقع الإباحية، والتي يبلغ عددها 4.2 مليون موقع وهو ما يمثل خمس إجمالي المواقع العالمية، تحمل بين طياتها 420 مليون صفحة إباحية، وهم أيضا أكثر المستقبلين للرسائل الإباحية من إجمالي 2.5 مليار رسالة إباحية تدور حول العالم يوميا!! وهم أكثر من يتكلمون في الجنس ويتلفظون بألفاظ تخدش الحياء داخل غرف الدردشة على الإنترنت، وأكثر من 60% من الشباب داخل غرف الدردشة التي تحمل أسماء وألقابا إباحية هم من العرب، وحسب نفس الدراسة فإن دولتين عربيتين تتصدران دول العالم في الدخول على المواقع الإباحية، حتى أصبحت قضية إباحية الإنترنت في الدول العربية قضية شديدة التعقيد.
وإذا كان الاستخدام السيئ للإنترنت له مخاطر كبيرة على المجتمع، خاصة الفئات الشبابية منه، وما له من انعكاسات سلبية على الأسرة، فإن الاستخدام الأسوأ للموبايلات الحديثة ذات الكاميرا وتقنية البلوتوث تمثل كارثة مروعة وخراب بيوت حقيقيا.
وكلنا سمعنا وقرأنا بالتأكيد عشرات القصص المؤلمة والتي يرتبط معظمها بجرائم شرف، وتسببت في خراب الكثير من البيوت، وربما أزهقت أرواحا بريئة وغير مذنبة، بسبب الموبايل وما سببه من فضائح وكوارث، سواء بسوء نية، أو حتى بحسن نية، والعجيب في هذه القصص أن معظم الذين يلعبون بأعراض العائلات والفتيات، وذلك بنشر صور أو مقاطع فيلمية، اختلسوها أو سرقوها أو وقعت في أيديهم صدفة، لمواقف خاصة، ما كان ينبغي أن تخرج خارج إطار الأسرة أو الصديقات المقربات، أو صور ومقاطع لبعض الفتيات في لحظات ضعف وخطيئة، تجد أن الدائرة تضيق عليهم ويتورطون هم في مثل هذه الفضائح في بنات عائلاتهم، وذلك حسب السنة الآلهية: افعل ما شئت فكما تدين تدان.
أعتقد أن انتشار الصور والمقاطع الإباحية على أجهزة الموبايلات ما هو إلا نتيجة طبيعية للخواء الفكري الذي نعيشه في وطننا العربي، وهو بداية مرحلة جديدة بعد مرحلة التغريب الثقافي الموجه ضد أمتنا، بداية من الغزو الفكري الغربي، كوسيلة لإزالة هويتنا الإسلامية، ومرورا بالتغريب الثقافي لتجريدنا من هويتنا الثقافية وقيمنا ومبادئنا.
إذا كان المعروف منذ زمن أن العرب هم أكثر الشعوب استهلاكا لما يصنعه الغرب، فإن الجديد في عصر الثورة التكنولوجية أن العرب هم أسوأ من استخدم التكنولوجيا!