الكيد والقهر سلوكان بشريان، لا يختص بهما جنس دون الآخر، لكن كل جنس اشتهر بنوع منهما، النساء تميزن بالكيد، كما وصفهن القرآن الكريم في سورة يوسف: “إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم”، أما الرجال فقد اشتهروا بالقهر، كما استعاذ منه رسولنا الكريم (ص):”… واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”.
وعلى أية حال فإن الكيد والقهر كلاهما شر، عفانا الله منهما، كما علمنا القرآن بالتعوذ من كل شر، “قل أعوذ برب الفلق، من شر ما خلق” وبالطبع فإن كيد النساء وقهر الرجال يدخلان ضمن هذا الشر، لكن لماذا تميزت النساء بالكيد، واشتهر الرجال بالقهر؟ الله خلق المرأة ضعيفة جسديا، لذلك فإنها تلجأ إلى المكر والحيلة حتى تتمكن من الوصول لهدفها، أما الرجل فقد أعطاه الله قوة تمكنه من الوصول لهدفه بشكل مباشر ولذلك فإنه يستخدم القهر في تحقيق ما يريد.
لكن أيهما أسوأ: الكيد أم القهر، في الحقيقة عندما سألت نفسي هذا السؤال وجدت الإجابة عليه صعبة جدا، فالبرغم من أن كيد النساء يمكن أن يخرب البيوت، ويفرق بين المرء وزوجه، والرجل وأخيه أو صديقه، وبين المرأة وأختها أو صديقتها، وبين الرجل وأمه أو أخته، وهو ما تستطيع أن تفعله أضعف امرأة في العالم، لكن يبقى قهر الرجال – من وجهة نظري – الأخطر والأصعب، ولعل ما نشاهده الآن حولنا من قهر الرجال أبلغ دلالة على وجهة نظري، ففي بلدان كثيرة ينتهك عرض الرجل في زوجته أو ابنته أو أخته أمام عينيه، وهو لا حول له ولا قوة، وكم تم قهر رجال في مالهم وبيوتهم وأرضهم أمام أعينهم، وهم لا يستطيعون فعل شيء، وكم من رجال تم إذلالهم واستحقارهم في عملهم بسبب حاجتهم للمال، وعدم استطاعتهم الحصول على عمل بديل، وكم تم قهر رجال بتوقيفهم واعتقالهم وحبس حريتهم بدون سبب، وكذلك معاملتهم اللا آدمية كتعريتهم واغتصابهم ووضعهم في أقفاص كالحيوانات.
لكن هل المرأة لا تستطيع أن تقهر من حولها، وهل لا يستطيع الرجل أن يكيد، بالطبع نعم، فبعض النساء الآن يقهرن أزواجهن أو أخواتهن أو مرؤوسيهن في العمل، ولعلي هنا أعتقد أنه إذا توافرت للنساء فرصة القهر يكن أسوأ من الرجال أنفسهم، كما يستطيع بعض الرجال الكيد أكثرمن النساء، حتى أن البعض الآن يعقد المقارنات بين كيد النساء وكيد الرجال أيهما أقوى؟ إلا أن الأكثر من ذلك أن البعض يعتقد إن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان نفسه، ودللوا على ذلك بقوله تعالي عن النساء: “إن كيدكن عظيم”، وقوله: “إن كيد الشيطان كان ضعيفا” وهو أمر مقبول في ظاهر التفسير، كما دللوا على ذلك بقول الله تعالى: “ومن شر النفاثات في العقد…” والمقصود بهن الساحرات الشريرات، بالرغم من كون أغلب السحرة من الرجال!!
ومع ذلك فإنني أعود وأقول ما بدأت به هنا، وهو أن الشر سلوك بشري لا جنس له.