على الرغم من عشقي للتكنولوجيا المفيدة، خاصة ما ينفعني في عملي، وفي هواياتي، فإنني أجدني مضطرا أحيانا لأن أبغض هذه التكنولوجيا من سوء استخدام بعضنا لها، وما يزيد أسفي على ذلك هو مدى التخلف الذي نعيشه في مجتمعاتنا، فبدلا من منافسة أهل الغرب ومجاراتهم في صناعة التكنولوجيا وتطويرها، تجدنا أساتذة في الاستخدام السلبي لكل ما يصلون إليه من اختراعات هادفة.
ومع التطور المتلاحق للتكنولوجيا ظهرت القنوات الفضائية وشبكة الانترنت ومن ورائها الهواتف النقالة، وهما من وجهة نظري من أهم ما اخترعه الإنسان خلال القرن الماضي، ويفوق في تقديري كل ما تم اختراعه خلال هذا القرن من حيث استخداماته التطبيقية.
وبالرغم من أن المواطن العربي يقبع بطبيعة الحال في ذيل قائمة المخترعين في العالم، إلا أنه وحسب دراسات وإحصائيات مراكز الأبحاث العالمية تفوق على العالم كله، ولكن للأسف في “الهلس”، حيث تؤكد التقارير أن رجال الأعمال العرب يستثمرون أكثر من 460 مليون يورو في القنوات الجنسية الموجهة للمنطقة العربية وأمريكا اللاتينية، وقال تقرير متخصص أن 270 قناة من الـ 320 القناة الجنسية التي تم رصدها على الأقمار الأوروبية يمتلكها رجال أعمال عرب، قفزوا بها الى قمة الجنسيات التي تعمل في هذا المجال القذر، وتتنوع الخدمات التي تقدمها هذه القنوات بداية من المكالمات الجنسية عن طريق القناة، مرورا بالرسائل الجنسية النصية والمصورة، وانتهاء بتجارة الجنس، ولم يخفى التقرير المكاسب الهائلة التي حققها هؤلاء المستثمرون العرب من جراء هذا الاستثمار الفاسد، حيث ذكر أن أكثر من مليار يورو تم تحقيقها كصافي ربح في خلال سبع سنوات فقط، وهو مبلغ خيالي فاق كل أنواع التجارة المحرمة الأخرى.
ولم يكتف التقرير بالبحث عن المستثمرين في هذا المجال، بل تحدث عن جماهير المشاهدين الذين يتم توجيه مثل هذه القنوات لهم، وبكل أسف أيضا اتضح أن المواطن العربي، هو المشاهد الأول لهذه القنوات، حيث تلقي هذه القنوات رواجا كبيرا بين الشباب العربي المقيم في المنطقة العربية، وكذلك المهاجر منهم في أوروبا، خاصة في اليونان وإيطاليا وقبرص، وخلصت الدراسة إلى أن الشباب العربي يحتل المركز الأول في هوسه بالجنس بين شباب الكرة الأرضية، وذلك من خلال إحصائيات مراكز توفير خدمات القنوات الفضائية العالمية المدفوعة الثمن، موضحة أن هذه المراكز تستثمر عشرات الملايين سنويا لتطوير برامج التشفير التي تستخدمها لتسويق بثها باشتراكات لمن يرغب من المشاهدين، حيث أكدت هذه الشركات أن الشباب العربي أصبح لديه من الخبرة ما جعله يتصدر شباب العالم في حل وكسر أنظمة تشفير هذه الفضائيات المعقدة، حتى يتمكن من المشاهدة المجانية.
وهنا يكمن السؤال، إذا كان للشباب العربي بمجهوداته الفردية هذه القدرة الفائقة على فك نظم التشفير التي يعمل عليها مهندسون أكفاء من شركات عالمية متخصصة، فلماذا لا يستخدم هذا العقل في أشياء مفيدة؟.. مجرد سؤال.