ثم إن، ما هو نوع هذه المساواة التي تطالب بها النساء اللاتي يطلقن على أنفسهن “الناشطات” من خلال جمعياتهن المزعومة، ومن هن هؤلاء السيدات؟
شغفي وفضولي بهذا الموضوع دائما ما يدفعانني لقراءة الكلمات والخطب النارية، التي تلقيها هؤلاء النسوة في هذه التجمعات النسوية، واللاتي يحاولن بكل ما لديهن من قوة ودهاء مهاجمة الرجل فيها، وتشويه صورته من خلال إظهاره في صورة الوحش الكاسر، سالب حقوقها، وهادم سعادتها، وبالتالي مطالبة المجتمع “بما فيه الرجل نفسه” بالوقوف ضد هذا السالب الهادم، وإجباره وإرغامه على التنازل عن بعض حقوقه السيادية لها، حتى تستطيع بذلك الوقوف ضده وردعه عن ممارساته التعسفية ضدها!!
لكن قبل أن نتأمل في بنود هذه المطالب، لا أستطيع أن أقفز فوق تأملاتي عن هؤلاء الناشطات الشخصية، فقد لاحظت أنني قلما وجدت امرأة جميلة تطالب بالمساواة مع الرجل، فمعظم هؤلاء النسوة أجدهن لا يختلفن كثيرا عن الجنس الآخر، من حيث الوجه الجامد، والشعر الخشن، أو الصوت الجهوري الغليظ، وشرب السجائر والشيشة وإخراج الدخان من المنخار، أو حتى الطلة الغليظة غير البهية، ولعلي أكون على استعداد لإيجاد المبرر لهؤلاء النسوة في مطالبتهن بالمساواة، من منطلق المساواة الشكلية مع الرجل، ولكن بشرط أن يعترفن هن بذلك، لكن هيهات أن يعترفن، فنصفهن على يقين أنهن هيفاء، والنصف الآخر متأكدات أنهن نانسي، كما أن هذه المطالبات لا تأتي إلا من بعض العوانس أو المطلقات والأرامل، أو من غير السعيدات مع أزواجهن.
لكن أكثر ما يثير دهشتي أن المرأة التي تحاول تحقيق المساواة مع الرجل، هي نفسها التي تطلب مساعدته في كل مخططاتها لتحقيق هذا الانتصار، وهذا بالطبع أمر لن يتحقق نظريا، فكيف بالله يمكن أن أعطي غريمي سلاحي ليسلبني به حقوقي، وكيف أساعده ليحتل مكاني، وما يثير دهشتي أكثر هو نوعية الحقوق التي تطالب بها المرأة في حرب المساواة مع الرجل، فمطالبات المرأة دائما ما تتركز على نوعيات خاصة من المطالب، بعضها اجتماعي، كالمطالبة بالمساواة في العمل، في الأجور وتقلد المناصب العليا وغيرها، لكن إحداهن لا تعترف بهذه المساواة إذا طلب منها الاستمرار بعد الدوام لحاجة العمل، أو السهر في ورديات ليلية، أو الاستدعاء في غير أوقات الدوام لإنجاز عمل ما، أو القيام ببعض الأعمال الشاقة، وقتها فقط ينسين المساواة بل ويتجاهلنها.
وبعض المطالب تدخل في صميم شرع الله والعياذ بالله، كالمطالبة بالمساواة في الميراث، أو المساواة في الشهادة، والإمامة، وغيرها الكثير من هذه البدع، لكن إحداهن لا تعترف بالمساواة في الميراث إذا كان لديها ولد ولضرتها بنت، ولا تعترف بها وقت تقسيم ميراث أهل زوجها، ولا تعترف بشهادتها الكاملة إذا شهدت امرأة عليها أو على أحد من أهلها.
أعتقد أن مطالبة المرأة بتحقيق المساواة مع الرجل، هو حبل تلفه بيدها حول رقبتها، سيخنقها حتما ويقضى عليها عاجلا أو آجلا، أما إذا رجعت لرشدها وفهمت طبيعة خلق الله لها، وخصائص فضله عليها، لأراحت واستراحت.