مقالات اجتماعية

بين الأهلي والعنابي يا قلبي لا تحزن!

رغم مرور أسبوع كامل على هزيمة النادي الأهلي المصري في بطولة كأس العالم للأندية صباح السبت الماضي، مازال الحزن العميق يعشش بداخلي، أتجرعه كلما تذكرت الهزيمة رغم محاولاتي المستمرة للنسيان، ومع التفكير المستمر تذكرت هزيمة العنابي الأخيرة من استراليا، وللوهلة الأولى قد لا يبدو أن هناك محور ربط بين المباراتين، إلا أن تفكيري في سبب الحزن الشديد الذي ظل يقلقني لفترة طويلة، هو ما دعاني لهذا الربط.

سألت نفسي هذا السؤال، واكتشفت أن من أهم أسباب حزني هو أنني لم أكن مهيأ نفسيا لتقبل هذه الهزيمة، كل التوقعات بداخلي كانت تشدني نحو النتيجة الإيجابية، تشبعت بالتفاؤل حتى أنني لم أتصور غير الانتصار، ورغم أنني متفائل بطبيعتي، إلا أنني بدأت أبحث عن مصدر كل هذا التفاؤل العجيب، وهو ما أوصلني للسؤال التالي: من أين جاءني هذا التفاؤل المشؤوم؟!

التفاؤل شعور إيجابي هام، لكن يبقي كأي شيء من حولنا، الإفراط فيه خطر ومؤذ، هذا ما حدث معي وربما مع كثيرين غيري، الآلة الإعلامية المضللة صورت لنا أن هذا الفريق ذاهب لليابان للحصول على لقب البطولة، على الرغم من وجود فرق أقوى مهاريا وبدنيا وإداريا، تحدث الإعلام عن تصوراته عن المباراة النهائية التي سيلعبها الأهلي أمام بطل أوروبا، بل ذهب بعضهم للخوض في تفاصيل المباراة، وحلق البعض الآخر مع أحلامهم وتساءلوا بصيغة التمني عن إمكانية تحقيق مفاجأة بالفوز على مانشيستر، وإذا كنت لا تعرف مانشيستر فتوقف عن القراءة واسأل خبيرا ثم أكمل المقال، لقد رسخ الإعلام بداخلنا وهم أن النادي الأهلي يستطيع الوصول للمباراة النهائية بسهولة، وربما يستطيع تخطيها أيضا والحصول على اللقب، حتى غيبنا عقولنا وصدقناهم بحماسنا، لقد صنفوا الأهلي في المركز الثاني أو ربما الأول من أصل سبعة فرق، لكن الحقيقة أن الأهلي بحسابات المنطق يقع في المركز الرابع أو الخامس من أصل هؤلاء السبعة، ومن هنا تعاظمت المصيبة، صحيح أن حسابات المكسب والهزيمة في الكرة لا تقاس دائما بالورقة والقلم، لكن تبقى دائما حسابات العقل والمنطق هي الأوقع.

وهذا ما دعاني لربط هذه المباراة بمباراة العنابي واستراليا، فقد زرع ميتسو بداخلنا فوز العنابي، حتى غيب عقولنا أيضا وتصورنا بأحاسيسنا الملتهبة وحماسنا المنجرف، أننا نستطيع الفوز على استراليا في سيدني، وهذا بحسابات العقل والمنطق صعب جدا في ضوء حالة الفريقين قبل المباراة.

لقد كان من الأجدر على الإعلام والمسؤولين أن يقدروا حقيقة مستواهم الفعلي ومستواهم مقارنة بمنافسيهم وباقي العوامل المساعدة الأخرى، ويعلنوا هذا المستوى على الملأ، ثم بعد ذلك يحفزوا أنفسهم – في سرية – بالتفاؤل وبتحقيق مستوى أفضل من مستواهم، وذلك ببذل قصارى الجهد، ودراسة نقاط قوة المنافس ومحاولة تعطيلها، ونقاط الضعف فيه والعمل على استثمارها، ثم طلب التوفيق من الله، فإذا تحقق النصر فلنحمد الله، وإذا نلنا الهزيمة فلا تفجعنا المصيبة، لأن هذا هو مستوانا الحقيقي.

ليتنا نتعامل بهذا المنطق في كل أمور حياتنا، أعتقد أننا سنريح ونستريح.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x