مقالات اجتماعية

تعليقات قاسية!

من الصعب جدا أن ترضي كل الناس طوال الوقت، هذه قاعدة كونية، أؤمن بها تماما، لكن الغريب أنني كلما كتبت رأيا أو خاطرة تصلني ردود أفعال متباينة ما بين مؤيد ومعارض، وهذا ليس غريبا، إنما الغريب أن ردود الأفعال متطرفة جدا، فالمؤيد لما أكتبه يؤيد تأييدا مطلقا مستهزئا من الرأي الآخر ومسفها له، والمعترض على ما أكتبه، يعارض بعنف شديد يخرج عن حدود اللياقة وأحيانا الأدب!

وعلى الرغم من إنني أعتز جدا بأي تعقيب يصلني عبر البريد الألكتروني، سواء مع أو ضد، إلا أنني لمست من خلال معظم هذه الرسائل انعدام ثقافة الاختلاف مع الآخر، ناهيك عن عدم تقبلها من الأساس، فرأي كل واحد هو الصواب الذي لا يحتمل الخطأ، ورأي الآخرين خطأ لا يحتمل الصواب!! وحتى أسهل الموضوع، سأعرض بعضا مما تلقيته ويوضح ما أعني..

تقول رسالة تعقيبا عما كتبته حول ما تعانيه الزوجة، خلال يومها الأسري من تنظيف وطبخ وغسل ومذاكرة للأولاد ومراعاة الزوج، ومراعاة أهلها خاصة إذا كان أبواها من كبار السن: “… ويبدو انك متحيز للنساء، فدائما تدافع عنهن بسبب وبدون سبب، حتى أنني شككت أنك امرأة تكتب تحت اسم مستعار لرجل، يجب أن تعرف أن كل ما كتبته من هذه الأفعال هو من وظائف المرأة التي خلقها الله لتؤديها لزوجها وأبنائها، فإذا لم تكنس المرأة وتمسح وتغسل وتربي الأولاد وتذاكر لهم، وتراعي زوجها وتلبي احتياجاته، فماذا تفعل في هذه الدنيا؟!! إذا كنت من الرجال الذين يحبون أمهاتهم فيجب ألا يجعلك ذلك عبدا لهن، وسلم لي على المسح والغسيل”!!

وتلقيت رسالة أخرى تعقب صاحبتها على مقال كتبته عن المساواة المزعومة التي تنادي بها المرأة، وكيف تستعين هذه المرأة بالرجل للإعداد والتخطيط والتنفيذ لهذه المهمة، كما أنني لم أشاهد أي امرأة جميلة تنادي بهذه المساواة!! تقول القارئة: “… ومنذ فترة وأنت تحارب النساء وهو ما ينم عن كراهية سوداء بداخلك، ورغم إني حريصة دائما على قراءة مقالاتك، إلا إني قررت ألا أقرأ لرجل صاحب أفكار متخلفة مثلك، يناهض المساواة ويريد الرجوع بالمرأة إلى العصور السحيقة ، ولن نقبل منك إلا الاعتذار عن هذه “الأفكار السخيفة”، “… كما اني مشفقة جدا على زوجتك المسكينة التي تعيش مع رجل متخلف مثلك”.

أما آخر تعليق نسائي قاس وصلني، فكان عما كتبته عن خاطرتي حول انتشار فصل غرف النوم في الغرب، ودلالة ذلك لدينا نحن المجتمعات الشرقية، تقول السيدة: “… فإذا كنت من أصحاب العاهات العقلية أو الجسدية، فلا يجب عليك أبدا أن تبث سمومك المتأمركة لمجتمعاتنا المحافظة، ولا تحاول نقل أفكارك الشاذة لتنزع استقرار الأسرة الشرقية التي هي أساس مجتمعنا بعاداته وتقاليده الأصيلة”، “… فالحق ليس عليك ولكن على الجريدة التي سمحت لمتأمرك مثلك بالكتابة”.

وبدون أى تعليق، تبقى مشكلة عدم تقبل الآخر وتجريح من يختلف معنا من أهم مشكلاتنا الفكرية، وهذا ما سنتناوله لاحقا.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x