مقالات اجتماعية

جرِّب زهرة!

هل الزهور تتكلم؟ أو بمعنى آخر هل تملك الزهور إظهار إيحاءات بما تريد أن تقوله؟!

في الحقيقة إن الزهور من أرق أدوات التعبير التي اكتشفها الإنسان منذ بدء الخليقة، فعندما يمد إليك شخص ما يده بزهرة، فإن أشياء كثيرة تتحرك بداخلك، يمكن أن تدفعك دفعا لأن تغير في لحظات مواقف راسخة بداخلك منذ وقت طويل، وتستطيع هذه الزهرة الضعيفة أن تحرك بداخلك ما لا تستطيع قوة جبارة تحريكه أو تغييره تجاه أشخاص أو مواقف معينة.

ولذلك فقد فطن الرومانسيون والشعراء والفنانون إلى القدرة العجيبة التي تحملها تلك النبتة الضعيفة، فاستخدموها كأرق هدية، وكحل ساحر فعال لكثير من المشكلات المستعصية، وكتبوا فيها الأبيات الشعرية والقصص الروائية، ورسموا لها اللوحات، وفسر المفسرون وتفلسف المتفلسفون، وكتبوا عنها وفيها العديد من الأعمال الأدبية والعلمية، حتى أصبحت هناك لغة للزهور معتمدة بين الناس، يستخدمها الرومانسيون من البشر، للكشف عما بداخلهم لمن يريدون فقط، فهم يعرفون معناها، ويعتمدون في تصرفاتهم على تفسيراتها، حتى أصبحت أهم وأجمل لغات العشق بين الأحباء، وأفضل طرق التعبير عن الشوق والحنين للحبيب، ورسائل خاصة لا يشم رائحتها إلا شخص معين، هو من نريده فقط دون سائر الناس من حولنا، كما فسروا معنى كل لون، فالأصفر لون الغيرة وحب الامتلاك، وهو المشروع في العلاقات العاطفية، والأحمر لون الحب، والبنفسجي لون الفداء والتضحية، واللون الأبيض لون الصفاء والإخلاص، كذلك فسر البعض عدد الزهور بمعان مختلفة، فزهرة واحدة يختلف المعنى في تقديمها عن عدة زهرات، كذلك وضع الزهرة يعطي إيحاءات مختلفة، فإذا كانت الزهرة تميل لليمين فإن ذلك يختلف في مغزاه عن ميلها لليسار، وإذا قدمت الزهرة بيدك اليمنى فإن ذلك يحمل فعلا إيجابيا، بعكس المردود السلبي الذي ينتج من تقديمها باليد اليسرى!! ولم يكتف الرومانسيون بتلك الإشارات بل يحاولون باستمرار تطويرها وإضافة الكثير من العلامات والدلالات لهذه اللغة الرقيقة.

والزهرة لما قدمت له، فإذا أراد الحبيب إيصال رسالة إلى حبيبته أهدى لها زهرة فبادلته المشاعر، وإذا أرادت الحبيبة حل مشكلة أو سوء فهم بينها وبين حبيبها أهدته زهرة فصالحها وفهم ما تريده، وإذا أراد ابن أن يعبر عن حبه لوالدته أهدى لها زهرة ففهمته، وإذا أراد تلميذ التعبير عن امتنانه لمعلمه أهدى له زهرة فشكر له.

في رأيي إن تجربة التعامل مع بعض الأشخاص وبعض المواقف بتقديم زهرة، سيغير بكل تأكيد في طبيعة علاقتنا بالآخرين، وسيضيف بعدا دافئا للمعاملة ستسفر عن نتيجة إيجابية بلا شك، ولنجعل التجربة خير برهان.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x