صديقي الطيب، أحيانا لا يكون طيبا! أعرفه تماما عندما يلبس رداء الخبث، ليس أنا فقط، بل لو رآه أي شخص آخر لعرفه مباشرة، فابتسامته ونبرات صوته تتسابقان في فضحه، في حين يظن -هو وحده- أن أحدا لا يفهمه!
لبس صديقي رداءه الخبيث وقال: يبدو أنك تخاف من زوجتك، ضحكت ولم أعلق، قال: كل تصرفاتك تؤكد هذا، وما هي هذه التصرفات؟ قال: كل تصرفاتك تدل على ذلك، وبما أنه لم يسق لي أي دليل إدانة، ضحكت مرة ثانية والتزمت الصمت، قال: ألم أقل لك أنك تخاف من زوجتك؟، أنك تخاف حتى أن تحكي عنها، يبدو أنها تمنعك حتى أن تتكلم عنها، ألهذا الحد تخاف منها؟، يا أخي خلي عندك شوية شجاعة، لا تخف من أي إنسان أبدا حتى لو كانت زوجتك، يجب أن تكون رجلا بمعنى الكلمة….
أغلقت أذني أمام وابل كلمات صديقي، ومكثت أنظر إلى تعبيرات وجهه الحماسية والتي ظل يكمل حديثه بها، مصمما على إعطائي درسا في كيفية التعامل القوي والحازم مع الزوجة، وعندما فاض بي الكيل قاطعته قائلا: يا أخي دع أحدا آخر يقول هذا الكلام، أنت بالذات يجب أن تكون آخر شخص يتحدث عن قوة الشخصية أمام زوجته، كلنا نعلم مدى خوفك ورعبك من زوجتك، فلماذا أنت بالذات تحاول إلصاق تهمة الزوج الخائف من زوجته بي؟
سكت ومضى ولم يعد..
هذا الموقف دائما ما يتكرر معي أو أمامي، حتى لقد ترسخت لدي فكرة أن كل من يتحدث عن ضرورة أن يكون الرجل سبعا في البيت، هو نفسه أكبر فأر، ولدي عشرات الأمثلة تدلل على ذلك، أظرفها عندما تزوجت حديثا قال لي أحد الزملاء في الجريدة، يجب أن تكون أسدا في البيت، يجب أن تفعل تماما مثلما فعلت أنا، وماذا فعلت؟ ذبحت لها القطة من أول ليلة، ومن يومها وكما ترى أنا سيد البيت بلا منازع، أنا سى السيد بحق، صدقت يومها كلامه، وظلت كلماته هذه تعزف على أوتار أحلام الرجولة بداخلي، حتى استيقظت منها على خبر دخول صاحبنا إياه المستشفى على أثر ارتجاج في المخ، ومع الوقت علمت أنه من أثر علقة ساخنة من زوجته!!
خوف الأزواج من زوجاتهم أصبح ظاهرة دخلت دائرة اهتمام علماء علم النفس والاجتماع، حتى أن الدراسات المسحية رصدت أكثر من 125 مليون رجل حول العالم يخافون من زوجاتهم، ما بين عدم القدرة على رفض أي طلبات لها، أو تنفيذ رغباتها وأوامرها بسرعة شديدة وبدون مناقشة!! وبالتالي فإن هناك 125 مليون أسرة مختلة الأركان، وهي نسبة كبيرة جدا، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن هذا وضع غير طبيعي.
لكن ما الذي يجعل رجلا وهبه الله رجاحة العقل، وأعطاه قوة البنيان، وفضله بقوامة الإنفاق، يخاف من امرأة ضعيفة الجسد، قليلة الحيلة، لا تملك المال إلا من خلال زوجها أو ميراث أبويها؟ دعوني أبحث عن إجابة لهذا السؤال العجيب في العدد القادم.