مقالات اجتماعية

أزمة أخلاق!

بالرغم من إننا نعيش في مجتمع عربي مسلم، يحمل بين جنباته جينات العروبة الأصيلة، كالرجولة والشهامة والمروءة، مع مجتمع إسلامي تربى رجاله على التآخي والتسامح والإيثار، فإننا نجد أنفسنا داخل مجتمع يعيش أزمة أخلاق حقيقية!! ولعل هذه الصفات مجتمعة، والتي يمكن اختصارها في القول الجامع: “من تعامل مع الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فقد كملت مروءته”، هو أبلغ دليل على تلك الأزمة التي نعيشها.

فالمتأمل لأحوال الناس عامة، يجد أن هناك انفصاما كاملا بين الدين والحياة، فإذا نادى المؤذن للصلاة، تجد أفواجا من الناس ينسلون للمسجد من كل صوب وحدب يقيمون الصلاة على أكمل وجه، حتى يكاد المرء يحسبهم جميعا، فإذا ما فرغوا من الصلاة وسلموا وعادوا لحياتهم وأعمالهم، تكتشف- للأسف الشديد – أن قلوبهم شتى!!

فالولد يخرج من المسجد ينسى ما قرأه في صلاته، فتجده لا يطيع أبويه، ويصرخ في وجه أمه، ولا يحترم إخوته، كل ما يريده منهم هو قضاء طلباته، فإذا لم يحققوا له رغباته، تأفف منهم ونقم عليهم، ثم هو دائما ما يتنصل من المسؤولية، ولا يهمه إلا اللعب واللهو.

والطالب يخرج من صلاته يشاغب في الفصل، ويرفع صوته على معلمه، لا يحترمه ولا يبجله، بل يتهكم عليه، ويشوش على شرحه، لا يؤدي واجباته، ولا يكترث بما يطلبه منه المعلم.

والرجل يعود من صلاته لبيته، يمارس سطوته على زوجته وأولاده، فتجد “التكشيرة” تملا وجهه، لا يطيق لهم كلمة، فإذا خرج لأصدقائه انفرجت أساريره، وكأن أهل بيته لا يستحقون إلا الوجه الآخر.

والموظف يدخل صلاته لا يريد أن يخرج منها، ليس طبعا تقربا إلى الله، ولكن تهربا من العمل، ومن قضاء حاجات المراجعين، فإذا عاد لعمله، عطل مصالحهم، وحرق دمهم، وبعيدا عن علاقته بالجمهور، تجد الموظف يحقد علي زميله إذا حقق أي نجاح، بل ويحاربه ويحاول النيل منه بحق وبغير حق، فتشتد الصراعات بين التكتلات، حتى يتحول العمل إلى مستنقع لا يستطيع أحد العيش فيه أو النجاة منه.

والجار يرجع من المسجد لا يبالي بشعور جاره، وبدلا من تقاسم الأفراح والأتراح كما كان في الماضي، تجد الأذى بداعي الحرية الشخصية، والخلافات على أتفه الأسباب، لا مراعاة لأوقات نوم أو راحة، ولا لمريض مسن، ولا لأولاد يذاكرون ويستعدون للامتحانات.

ويبقى السؤال: لماذا لا تنهانا صلاتنا عن الفحشاء والمنكر؟!!

أعتقد إنها أزمة أخلاق.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x