الرجال بصفة عامة – ولست أنا وحدي – لا يحبون دموع المرأة، ليس لأن شكل المرأة وحش وهي تبكي “مثلا”، أو لأنها تبكي على أتفه الأسباب، ولكن لأن الرجل يشعر بالضعف أمام المرأة التي تبكي، والمثل الصيني دلل بقوة على هذا المعنى عندما قال: “دموع المرأة طوفان يغرق فيه أمهر السباحين”، وقد أشعر الشعراء وتفكر المفكرون وأسهبوا في الحديث عن بكاء المرأة ودموعها، إلا أن أحدا لم يفكر لنا في طريقة نتعامل بها في مواجهة سلاح الدمار الشامل هذا، ولذلك سعدت جدا عندما قرأت دراسة اجتماعية تساعد الرجال في مواجهة دموع النساء، قام بها على ما يبدو باحث تعب من هذه الدموع!
صنفت الدراسة بكاء النساء على أنه مرض، ووضعت الوسائل الملائمة والمتباينة للتعامل مع هذا المرض، وأول نصيحة قدمتها للرجل لوقف بكاء المرأة، هو أن يبكي بجانبها! وكلما رفعت المرأة نبرتها في البكاء، رفع الرجل نبرته أيضا، وبالطبع سيتفوق الرجل بقوة صوت بكائه عليها، وبالتالي ستتوقف المرأة عن البكاء كالطفل الذي يسمع بكاء طفل آخر فينصت إليه ويتوقف عن البكاء، واعتقد الباحث أن هذا التكتيك ذكي ومفاجئ ومضمون بنسبة 70%.
أما الطريقة الثانية، فهي عكس الطريقة الأولى تماما، وهى مواجهة البكاء بالضحك، فإذا بكت المرأة أمامك فاضحك في وجهها، اضحك بقوة ولا تتوقف عندما تنظر إليك بدهشة، أو تزيد من حدة بكائها، اصبر على الضحك وانتظر قليلا ستجدها توقفت عن البكاء، ويعتقد الباحث أن هذا التكتيك مضمون بنسبة 80% إلا أن مخاطره قد تكون كبيرة، فقد يتطور الأمر معها وتثور وترميك بمزهرية أو صحن قريب، غير أنها ستتوقف عن البكاء.
أما الطريقة الأخيرة والأهم التي ذكرها الباحث فهي الأصعب والأقوى، وتتلخص في مباغتة المرأة الباكية بقذف وجهها بقليل من الماء، والنتيجة التي توقعها الباحث هي المفاجأة والإزعاج والتوقف المفاجئ عن البكاء، إلا أنه لم يستطع هنا التنبؤ بردة فعل المرأة في هذه الحالة!! وخلصت الدراسة إلى أن هذه الطرق وإن كانت يمكن أن تسبب بعض المشكلات إلا أنها في الوقت نفسه ستجعل المرأة تفكر جيدا قبل أن تحاول استخدام سلاح البكاء مرة أخرى!!
وبعيدا عن الدراسة الشائقة، أعود مرة أخرى لأقول إذا كانت معظم قطرات دموع النساء مثل دموع التماسيح، فيجب ألا نظلم بعض هذه القطرات التي قد تكون صادقة، لذلك فإن من شيم الرجولة أن يعطف الرجل على المرأة، ويغمرها بعطفه وحنانه، وعندما تتعرض للضغوط وتبكي، يجب أن يعرف سبب بكائها، فإذا تبين له صدق مشاعرها، فيجب أن يعتذر لها عن أخطائه، ويحاول إصلاح ما فسد، مع وعدها بعدم تكرار ذلك مستقبلا، فهذه هي شيم الرجولة.
لكن تبقى المشكلة الكبرى، وهي معرفة أسرار علم الدموع، فكيف نفرق بين الدموع الحقيقية لنتعامل معها باللين والحب والاعتذار، وبين دموع التماسيح لنتعامل معها بالطريقة الثالثة من الدراسة، أو حتى مع الدموع الناتجة عن تقشير بصل طاجن الروبيان بالحبار، الذي أحبه كثيرا!!