حوارات

محمود أبو دنيا سفير مصر الجديد: العلاقات المصرية القطرية جيدة جدا وتخطو خطوات متقدمة للإمام

هناك تفاهم وتشاور مستمر بين سمو الأمير وشقيقه الرئيس مبارك

في مبني وزارة الخارجية المصرية العريق الشاهق، والذي يبلغ عدد طوابقه 34 طابقا، يتنافس بها مع برج القاهرة، والذي بات أيضا يشكل أحد سمات عاصمة الكنانة، وفي مكتبه بالدور السادس، والمطل على نيل مصر الهادئ المتدفق بالحياة وعبق التاريخ، كان اللقاء والحوار الذي تنفرد به الشرق كعادتها مع عناية السفير محمود فوزي أبو دنيا سفير مصر الجديد لدي قطر..

يفرض سمات شخصيته وطباعه الهادئة الوقورة علي الإدارة التي يترأسها كأحد أهم إدارات وزارة الخارجية المصرية، ربما هي الأهم علي الإطلاق، بحكم المهام الموكلة إليها لضبط إيقاع العمل سواء داخل الوزارة أو خارجها أو كحلقة وصل مع مختلف أجهزة الدولة.

نعم يفرض السفير محمود أبو دنيا طباعه وملامح شخصيته بل وأخلاقه علي إدارة ليس من طبيعتها أو سماتها الهدوء، وعلي غير الكثير من السفراء الذين تعاقبوا عليها علي مدي عقود والذين كانت أصواتهم تدوي بالطابق، لا تكاد تسمع له صوتا يدخل مكتبه ويخرج كما الماء ينساب بين ضفتي النهر الخالد.

يمشي مدير الأمن الذي أصبح سفيرا للرئيس مبارك ولجمهورية مصر الشقيقة لدي قطر، ويتجول كثيرا بمفرده، فيما غيره الكثيرون من المديرين السابقين كنت تستشعر قبيل أن يهلوا علي الدور أو حني المبني الشاهق حركة غير عادية وترقبا وقلقا خاصة من طاقم الإدارة التي يترأسها تحيطه الحراسات وتسبقه الي المكتب، ربما تنافست أو حني كانت تتجاوز ما يجري مع الوزير ذاته، لكن السفير الهادئ تراه وقت العمل يأخذ كل أموره بالجدية والقوة اللازمة ينجز مهامه بكل اقتدار هكذا كان طوال 3 سنوات تولي خلالها هذه المهمة.

والسفير الجديد لدي قطر له خبرات سابقة للعمل بها، كما له تاريخ وعلاقات متسعة مازالت محفورة في ذاكرته لم تمحها سنوات مضت جاوزت العقدين “23 عاما” منذ عام 1988، وكأن هذه الأحداث وتلك العلاقات كانت من نسيج الأمس القريب ولم تمر عليها فترة قرابة ربع القرن.

وسفير مصر الجديد من مواليد محافظة القليوبية عام 1957 وحاصل علي ليسانس الحقوق، متزوج ولديه ولدان وبنت بمراحل التعليم المختلفة.

 

* بداية وأنتم تستهلون مهمتكم كسفير جديد لمصر في دولة قطر الشقيقة نريد تعريف القارئ القطري بكم منذ ان التحقتم بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية والمناصب التي تدرجتم بها ؟

ـ التحقت بالوزارة أوائل الثمانينات وعملت بإدارات الرمز ثم الإدارة القانونية والمعاهدات والسلك الدبلوماسي والقنصلي والتفتيش والقضائية ثم مديرا لمكتب وكيل أول وزارة الخارجية ونائبا لمدير الإدارة القضائية ثم مديرا للبحوث القانونية والمعاهدات الدولية ، كما عملت بسفارات مصر في كل من الدوحة وسيدني ونائبا للسفير في موسكو وآخر منصب بالخارج كنت قنصلا عاما لمصر في المملكة المتحدة.

محطة الدوحة

* وأنت عائد الي الدوحة بدرجة سفير ورئيسا للبعثة الدبلوماسية بها ، وبعد فترة عمل سابقة بها قبل 23 عاما كما ذكرت، كيف تقيم الفترة الماضية؟

** فترة العمل بالدوحة كانت خصبة للغاية بالنظر الي أن العلاقات الرسمية كانت مقطوعة علي خلفية قرار عربي عام 1979 منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، وكنا وقتها نرفع علي السفارة المصرية علم الشقيقة سلطنة عمان وكنا في السفارة نشعر بأن هذا الوضع “قطع العلاقات” غير مريح لإخواننا القطريين، سواء علي المستوي الرسمي أو الشعبي، ولهذا لم أشعر في يوم من الأيام طوال سنوات عملي الثلاثة بها أنه كانت هناك حواجز تعوق عملي هناك في التواصل مع الأشقاء القطريين بما يخدم مصلحة البلدين ، ولهذا كانت بعثة رعاية المصالح المصرية “وفقا للتوصيف القانوني في حالة قطع العلاقات” تعامل من الأشقاء القطريين، رسميا وشعبيا، علي أنها سفارة وليست بعثة أو قسم رعاية مصالح تحت علم أو إشراف دولة أخري ثالثة.

وأشير الي أن العام الأخير لي بالدوحة 1988 جاء بعد عودة العلاقات كاملة في العام السابق له عام 1987، ولو أنه كما ذكرت لم نستشعر يوما أن العلاقات مقطوعة بين البلدين بفضل المعاملة الراقية التي كانت تتلقاها بعثتنا الدبلوماسية من الأخوة القطريين طوال سنوات قطع العلاقات.

* وكيف تقيمون العلاقات بين مصر وقطر في الوقت الراهن؟

** أنا أراها علاقات طبيعية وجيدة جدا وتخطو خطوات للأمام بفضل ما بين حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وشقيقه الرئيس حسني مبارك من علاقات جيدة وتشاور وتفاهم مستمر بما يخدم هذه العلاقات أو يحقق المصالح العربية.

وهي علاقات أيضا جيدة للغاية بين شعبين شقيقين، غير أنني أري أنها تحتاج للمزيد من الدفع والجرعات التنشيطية خصوصا في المجالين التجاري والثقافي.

جهد كبير

* هل تحملون أفكارا أو رؤى معينة بغرض تطوير العلاقات في مختلف المجالات خاصة المجال التجاري والثقافي؟

** أتصور أن مجالات الثقافة والاستثمار والشباب والرياضة تحتاج الي المزيد من العمل وأن تتولي الصدارة والاهتمام الكافي بها في جدول الأعمال خلال الفترة المقبلة، وبالطبع سأولي هذه المجالات جهدا كبيرا من مهمتي وعملي في الدوحة.

* وما هي رؤيتكم وتقييمكم لما وصلت إليه قطر ومستوي المعيشة من نهضة وتطور وكذا الأداء القطري علي مختلف الأصعدة، قياسا بالفترة السابقة التي عملتم بها في عام 1988؟

** أري أن الوضع والأداء القطري اليوم هو نتيجة طبيعية لما أنعم الله على قطر وعلي شعبها من نعم، واستمرارا لما كنت ألحظه أبان عملي في الفترة السابقة بالدوحة من رغبة أصيلة للمسؤولين القطريين في الارتقاء بمستوي قطر وشعبها في كافة نواحي الحياة، وهو استكمال لدور قطر النشط الذي مارسته منذ استقلالها، تجاه قضايا أمتها العربية والإسلامية، وما زلت أذكر الجهود المخلصة والدؤوبة التي قامت بها الدبلوماسية القطرية في الثمانينات من أجل إنهاء الحرب بين العراق وإيران.

* من المؤكد أنكم أصبحتم تهتمون بدرجة كبيرة بحكم تعيينكم سفيرا بالدوحة بالتحركات والنشاطات القطرية علي أصعده متعددة، فكيف تقيمون الأداء السياسي القطري النشط عربيا وإقليميا سواء من خلال عضويتها في مجلس التعاون الخليجي، أو بالمنظومة العربية ككل؟

** الوضع الحالي الذي تشهده الشقيقة قطر جيد جدا ويبشر بالمزيد من الارتقاء والنهضة في داخل قطر، وأيضا يبشر بالمزيد من النشاط للدبلوماسية القطرية حيال ملفات مهمة والمساعدة في حل مشكلات المنطقة سواء بمنطقة الخليج أو بالمنطقة العربية ككل.

الجالية المصرية

* سيادة السفير تعلمون أن قطر بها جالية مصرية كبيرة تزايدت بصورة ملحوظة في الفترة الأخيرة تجاوز عددها 80 ألفا، كيف تقيمون دور هذه الجالية وكيفية تطويره لما يخدم العلاقات بين البلدين؟

** أولا أبدا إجابتي علي هذا السؤال بالإشارة إلي انطباعات المسئولين القطريين خلال فترة وجودي السابقة عن هذه الجالية، فقد كنا نسمع منهم أن الجالية المصرية هادئة منضبطة لا تتسبب في أي مشكلات من أي نوع، وهي جالية سريعة التأقلم والاندماج مع المجتمع الذي تعمل بين جنباته ومع الشعب القطري، بسبب عوامل عديدة مثل اللغة والثقافة والعقيدة والعادات والتقاليد المشتركة، وكان الأخوة القطريون على المستويين الرسمي والشعبي يقولون لنا أن المصريين العاملين بالدوحة يسهمون بجد ونشاط في بناء نهضة شعب وبلد شقيق وهذا طبيعي.

وأتصور أن الجالية علي عاتقها دور كبير في المزيد من التطوير للعلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، وسوف أعمل بإذن الله مع طاقم السفارة للمزيد من توطيد هذه العلاقات وتقديم الرعاية القنصلية الواجبة بخدماتها المتنوعة للجالية وأبنائها بما يجعلهم ينصرفون ويركزون في عملهم في بناء قطر الشقيقة بلدهم الثاني.

* انضباط الجالية المصرية في قطر هل تري أنه يسهل مهمة السفير والبعثة الدبلوماسية، ويسهم في التركيز على موضوعات وقضايا تخدم العلاقات بين البلدين؟

** نعم هذا صحيح تماما، وأعتقد أن انضباط الجالية المصرية في الشقيقة قطر يرجع أيضا الي أنها تلقي رعاية واهتماما كبيرين من سلطات الدولة المضيفة لها، ومما لاشك فيه أن هذا الأمر بالفعل يسهل كثيرا من عمل السفير وأعضاء السفارة ويجعله ينصرف الي أمور أخري عديدة من شأنها أن تثري الشئون الحياتية لأبناء هذه الجالية وبدورها وأفرادها ينصرفون الي إتقان شغلهم وعملهم ووظائفهم في بناء دولتهم الثانية التي يقيمون بها.

معاملة راقية

* هل تعتقد أن هذا الانضباط للجالية المصرية في قطر مرجعه الي تميز تركيبة هذه الجالية علميا وثقافيا وتقنيا، أم كما ذكرت يرجع بالدرجة الأولي الي حسن الرعاية والمعاملة من السلطات القطرية لها؟

** أعتقد أنهما العاملين معا، هي بالفعل جالية منضبطة، وفي ذات الوقت تلقي معاملة راقية وطيبة من سلطات البلد المضيف لها، وهي معادلة ذات شقين.

* ذكرتم سيادة السفير أنكم تحملون أفكارا جديدة لتطوير التعامل بين السفارة وأفراد الجالية المصرية ودعم التواصل سواء بين الجالية وبلدها أو بينها وبين المجتمع الذي تقيم وتعمل به، فهل درستم خريطة الجالية ورصدتم بعض مشاكلها قبيل توجهكم إلي الدوحة، أخذا في الاعتبار مثلا وجود المدرسة المصرية بالدوحة والتي تعاني من مشاكل متعددة، وهذه المدرسة تكاد تكون تحت رعاية السفارة؟          

** بداية أريد أن أقول هنا أن التواصل موجود وقائم بصورة جيدة سواء فيما بين الجالية وبلدها الأم أو بينها وبين الدولة التي تقيم وتعمل بها وهي قطر الشقيقة، وهذا قائم من سنوات طويلة.

وأذكر في هذا المقام أن العديد من الوزراء والمسئولين المصريين زاروا قطر مرات كثيرة طوال السنوات الماضية، خاصة الوزراء المعنيين بالمصريين بالخارج، وحتي في الوقت الذي كانت العلاقات مقطوعة جاءها أيضا المستشار السياسي للرئيس د.أسامة الباز وكل هؤلاء المسئولين كانوا يلتقون بأبناء الجالية المصرية في قطر وهذا التقليد الذي لمسته أثناء فترة عملي الماضية خلال قطع العلاقات استمر الي يومنا هذا، كما أن لدي السفارة ملحقا عماليا يسهم في تذليل المشاكل التي قد تطرأ بين بعض المصريين وبين بعض أرباب العمل وكل هذا لم يؤثر يوما ما علي علاقات الأخوة بين الشعبين الشقيقين.

وأنا تصوري أن الشيء المفيد الجاد يتمثل في المزيد من الأنشطة الثقافية والمزيد من الأنشطة الرياضية والفنية المصرية داخل قطر والمزيد من الخدمات القنصلية لأبناء الجالية من شأنه أن يسهم في تحقيق التواصل بينهم وبين بلدهم ومع أبناء الشعب القطري لأن هذه الأنشطة حين كانت تجري في قطر قبل سنوات كان عليها إقبال منقطع النظير، وأذكر أن الناس من الأخوة القطريين كانت تشكو لنا في السفارة عدم توافر التذاكر اللازمة لمتابعة حفلات فنية أو مباريات رياضية كانت تشهدها الدوحة لفرق مصرية، وكذا المباريات التي كانت تقام بين فرق رياضية مصرية وقطرية.

اتحادات وجمعيات

* نود الإشارة الي نقطة مهمه لا تخفي عليكم تتعلق باختلاف الوضع اليوم في قطر عما كان حادثا قبل سنوات، ربما قبل العقدين الماضيين الذين عملت خلالهما في الدوحة، إذ أن الريادة التي كانت تتمتع بها مصر في قطر باتت محدودة إلى حد ما، فكيف ستتعاملون مع هذا الوضع؟ هناك أيضا نوعان من التعامل مع الجالية أحدهما من جانب قيادات هذه الجالية والثاني من جانب السفارة، وهذا الأخير ربما يغلب عليه الطابع الرسمي، فكيف تري ما سيكون عليه شكل هذا التعاون في عهدكم؟

** بداية أريد أن أقول أنني أثناء عملي كقنصل عام في لندن كان لدي تجمعات وجمعيات عديدة للمصريين وللجالية هناك في بريطانيا وكانت علي مستوي عال من التنظيم، وكنا في القنصلية نعمل في إطار من الشفافية والمودة وكنا نقدم لهم الخدمات اللازمة، وأحيانا كنا نستعين بالمواطنين العابرين من تجمعات أخري في اسكتلندا ودول أخري، وكان لدينا اتحادات وجمعيات كثيرة مثل اتحاد المصريين بأوربا وبالمملكة المتحدة وجمعية أبناء النوبة وغيرها والجمعية المصرية الانجليزية وجمعية الأطباء المصريين ببريطانيا والملتقي الثقافي المصري العربي وغيرها.

كل هذه التجمعات كانت مؤسسة وتعمل وفقا لقوانين الدولة المستقبلة وتخضع لها، وكنا نقدم لهم خدمات ونستعين بأمور قد لا تكون متاحة للسفارة بوصفهم مواطنين بريطانيين من أصل مصري، بالتالي كان هناك نوع من التفاهم بيننا.

الأمر قد لا يختلف كثيرا في قطر أو غيرها من الدول العربية، وإذا كان هناك كيان سمحت به السلطات الكريمة في الشقيقة قطر فهذا سيكون في إطار قوانينها ويعبر عن نوع من التضامن الاجتماعي والأخوي بين الجالية والدولة المضيفة وفي ذات الوقت تحرص السفارة علي العلاقة الطيبة بين الجانبين وتقدم لهم الخدمات وتشاركهم أفراحهم وأتراحهم.

وهذه الرسالة قائمة منذ أن أنشئت وزارة الخارجية أوائل عشرينات القرن الماضي وهي رعاية المصريين بالخارج ومتابعة شؤونهم وهذه من أولويات الدولة المصرية وعلي أعلي مستوي من أول السيد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والسيد وزير الخارجية وكل الوزراء المعنيين.

المدرسة المصرية

* هناك مشكلة يتعين أن نضعها أمامكم وأنتم تتوجهون الي تولي منصبكم الجديد بالدوحة تتعلق بالمدرسة المصرية للغات التي تعاني من عدم وجود مقر ثابت لها وهي تقيم علي مبني مؤجر، ومعرضة للطرد لأن صاحبه يفكر في عدم التجديد، وكان سمو الأمير المفدى قد خصص قطعة أرض كمكرمة أميرية للمدرسة، لكن تبقى المشكلة في عدم وجود التمويل اللازم للبناء، فكيف ستتعاملون مع هذا الملف الشائك علما بأن المدرسة تخدم معظم أبناء الجالية، وهي في نفس الوقت بمصروفات مرتفعة إلى حد ما؟

** أولا هذه المكرمة ليست بغريبة عن الكرم المعروف علي سموه، وأعتقد أن عقبات البناء ستزول بإذن الله بمعرفة أبعاد الموضوع ودراسته علي أرض الواقع، وبعد الاستماع الي السادة المسئولين عن المدرسة، وان شاء الله تصبح المدرسة في وضع أفضل باعتبارها تلبي حاجة الجالية وأبنائها العاملين بالدوحة، وأنا أعد بأن أضع هذا الموضوع ضمن أولويات اهتماماتي ان شاء الله.

* المدرسة المصرية بالدوحة تحتل أولوية قصوى لدي الجالية، وأتمنى أن يكون لكم موقف حاسم من هذه القضية؟

** نحن نهتم بأمر هذه المدرسة تماما لأنها تمس المصلحة العامة، ويهمنا أن تخرج نوعية متميزة من الطلاب، وأن تتم العملية التعليمية بالحرفية وبالأسلوب المناسب وأن “الأولاد يتعلمون بجد”، وأن كل أب يري عياله يتلقون تعليما جيدا بها.

خريطة الاستثمار

* تعلمون أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وقطر لا ترتقي الي المستوي المأمول، الي أي حد سوف تتعرضون لهذه القضية وأوضاع الاستثمارات في مصر، خاصة من جانب القطاع الخاص والدور الذي يمكن أن ينهض به؟

** وفقا للمعلومات التي تابعتها مؤخرا أستطيع أن أقول أن مصر لها أولوية ومكانة خاصة علي خريطة الاستثمار العالمي لما تتمتع به من استقرار ومناخ جاذب لهذه الاستثمارات.

وعلي سبيل المثال حازت مصر علي المركز الأول بين دول شمال أفريقيا في حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث استحوذت علي 36،7% من حجم هذه الاستثمارات الواردة الي المنطقة، فالسوق المصري معروف أنه سوق كبير ولديه القدرة علي استيعاب الاستثمارات الضخمة، وأنا أري أن التعاون بين القطاع الخاص ورجال الأعمال بالبلدين يحتاج بالفعل الي المزيد من التنشيط.

* إذا هل ترون أن الاستثمارات القطرية في مصر مازالت لم تتبوأ المكانة اللائقة بها وبالإمكانيات الضخمة المتاحة لها؟

** أستطيع القول أن المعلومات المتاحة لدي تقول أن التقديرات تشير الى ان الاستثمارات القطرية تحتل المرتبة رقم 20 بين الاستثمارات الأجنبية في مصر وهذا الرقم لم يعد صحيحا، اذ تبين أنها أصبحت تحتل المرتبة رقم 17 بمعني أنها تقدمت وصعدت 3 درجات بين الدول الأكثر استثمارا في مصر ، وأنها تبلغ نحو 1،7 مليار جنيه ، وأن 80 % من هذه الاستثمارات تتركز في مجال العقارات، و10% في مجال الخدمات ، و10% في القطاع الصناعي والخدمي ، وسوف نسعى ان شاء الله للإسهام في تعظيم هذه الاستثمارات واقتحامها مجالات جديدة تحقق مصلحة البلدين .

وأود أن ألفت الي أن وزير الاستثمار المصري د. محمود محيي الدين أشار أثناء زيارة الأخيرة للدوحة خلال شهر يونيو الماضي الي وجود منطقة واعدة في شمال غرب خليج السويس والي صعيد مصر كمناطق تحتوي علي مجالات وفرص جيدة في العقارات والسياحة والصناعة.

لغة الأرقام

* هل ترون أن ثمة عقبات معينة تقف دون الارتقاء بمستوي العلاقات التجارية بين مصر وقطر، وهل وضعتم يدكم عليها قبل سفركم للعمل علي تذليلها؟

** أري أنه في ظل وجودي هنا لا أستطيع أن أرصد هذه القضية بشكل علمي لابد أن أقف علي كل شيء علي الطبيعة ومعرفة الأمور علي أرض الواقع من خلال الرصد والمعايشة.

وإذا لجأنا إلي لغة الأرقام أستطيع القول أن آخر هذه الأرقام التي حصلت عليها من الجهات الرسمية تقول أن حجم التبادل التجاري عام 2009 بلغ 299,85 مليون دولار أمريكي ، وإذا قمنا بتفنيد هذا المبلغ سنجد أن منه 261,2 صادرات مصرية لقطر والمتبقي صادرات قطرية لمصر، أما إحصائيات العام الجاري 2010 فإنها تقول أن حجم الصادرات القطرية إلي مصر حتى مارس الماضي بلغت 27,5 مليون دولار خلال الثلاثة أشهر الأولي من العام في حين بلغت الصادرات المصرية خلال نفس الفترة 64،2 مليون دولار.

وأنا في تقديري أن هذه الأرقام لا تتناسب مع حجم إمكانيات البلدين في مختلف المجالات، وسوف نسعى ان شاء الله من أجل مضاعفة هذه الأرقام بكل السبل الممكنة.

* مرة أخري هل ترون أن مؤشر العلاقات الاقتصادية لا يتناسب مع العلاقات الأخوية بين البلدين؟

** نعم بالتأكيد، وهذه القضية كما ذكرت ستكون علي رأس اهتماماتي، وتحتل مرتبة متقدمة ومستحقة من الجهود وان شاء الله نري خيرا كثيرا.

* معلوماتنا تقول أنه دوما ما يكون هناك تنسيق وتشاور بين السفيرين القديم الذي انتهت فترة عمله عناية السفير عبد العزيز داود، والسفير الجديد الذي هو سيادتكم للاستفادة من خبراته ونصائحه لما يحقق الهدف وخدمة العلاقات ما مدي صحة ذل؟

** نعم بالطبع معلوماتكم صحيحة وصائبة تماما ، وغالبا ما يكون بيننا لقاء ، وقد جرت اتصالات بالفعل، وأود الإشارة إلي أن هذا الأمر لا يقتصر علي زميلي وصديقي السفير عبد العزيز داود، وإنما مع كل السفراء.

ذكريات جميلة

* هل لكم أن تطلعونا علي ما أفضي به لكم عناية السفير داود عن أوضاع في قطر، وخاصة وضع الجالية المصرية، وهل تنطوي رؤيته علي ايجابيات، وهل هناك سلبيات معينة لمسه؟

** انطباعه بشكل عام ايجابي جدا، وعموما ان شاء الله سنلتقي مرة ثانية بعد عودته، خاصة أنه زميل وصديق عزيز.

* وهل جري بينكم وبين السفير القطري بالقاهرة لقاء تعارف بمناسبة توليكم مهمتكم بالدوحة، وهل جرت العادة أن يحدث تشاور وتنسيق وتعاون في أمور معينة بين السفير المصري بالدوحة ونظيره القطري في القاهرة لما يخدم العلاقات؟

** نعم بالطبع ووفقا للأعراف والتقاليد الدبلوماسية يحدث ذلك بعد وصول موافقة السلطات القطرية علي الترشيح، وأنا قمت بزيارة تعارف لسيادة السفير القطري صالح البوعينين ووجدت فيه شخصية لطيفة ومهذبة جدا.

* وهل يحدث تعاون بينكما؟

** طبعا، وأيضا في إطار الأعراف والتقاليد الدبلوماسية وهناك خط مباشر ومفتوح ودائم بين السفيرين في العاصمتين القاهرة والدوحة، والكثير من الموضوعات يتم حلها من خلال الاتصال بين السفيرين.

* هل تتذكرون أحدا من المسئولين القطريين منذ أن كنتم بالدوحة قبل 23 عاما الذين ربطتكم بهم صداقة أثناء هذه الفترة ؟

** نعم بالتأكيد وأذكر منهم سعادة الشيخ أحمد بن سيف آل ثاني وكان وزيرا للدولة للشئون الخارجية، وكان شخصية رقيقة وودودة وأذكره بكل خير، وكذا السفير عتيق البدر كان مديرا لمكتب وزير الخارجية، وأتذكر السفير أحمد جاسم الملا مدير إدارة المراسم، وأتذكر السفير محمد نور العبيدلي مدير إدارة المنظمات الدولية، ويؤسفني أنني لا أستطيع تذكر كل الأسماء لأن الذاكرة لا تسعفني الآن، انما كل السادة السفراء مديري الإدارات وزملائي الدبلوماسيين بالخارجية القطرية وعلي اختلاف درجاتهم لاقيت منهم كل مودة وتقدير ومساعدة، وكنا نجد هذا التعاون والتفاهم بشكل طبيعي وتلقائي وفطري، وكانت مودة خالصة ليست في وزارة الخارجية فقط ، وقد لمست هذه المودة في مختلف الوزارات القطرية كالخارجية والدفاع والداخلية وغيرها ، وأتذكر بهذه المناسبة أيضا رئيس الأركان للقوات المسلحة القطرية سعادة الشيخ مبارك آل ثاني، وأتذكر سعادة الشيخ عبد الله الأنصاري كان وزيرا للعمل والشئون الاجتماعية، وسعادة الشيخ عيسي الكواري كان وزيرا للاعلام ،والأستاذ موسي زينل كان شخصية رقيقة جدا وكان مشرفا علي قطاع الثقافة والفنون وكانت له نشاطات ضخمة وملموسة في هذا المجال، وأتذكر نادي الجسرة الثقافي الذي كانت له نشاطات كبيرة، والذي استضاف الكثير من أعلام الثقافة والأدب والفن في مصر .

كلها ذكريات جميلة جدا أستعيدها اليوم وأنا في طريقي الي الدوحة، وكلها تعبر عن سعي المسؤولين واهتمامهم بالتقارب بين الشعبين الشقيقين.

* من المؤكد أنكم تحملون رسالة معينة من الرئيس مبارك الي سمو الأمير سوف تبلغونها له أثناء استقبالكم، فهل يمكن اطلاعنا علي فحوي هذه الرسالة؟

** نعم أحمل تحية مباركة وسلاما وتقديرا ومودة خالصة إلي قطر الشقيقة أميرا وحكومة وشعبا، متمنيا لها كل الرقي والتقدم والازدهار، وأنا أحمل في عنقي عهدا ببذل أقصي الجهد بما يزيد من رقي وتطور العلاقات الطيبة بين البلدين والشعبين الشقيقين.

* أخيرا سيادة السفير ما أهم هواياتكم وأنشطتكم المفضلة؟

** بالطبع القراءة والمشي، لأن الأولي تنشط الذهن وتغذي العقل، والثانية أفضل رياضة تنعش الجسد وتحافظ عليه وتجنبه أمراضا كثيرة علي رأسها الوزن والتخمة.

* وماذا عن الأكلات والأطعمة المفضلة لديكم؟

** ستفاجأ بأنني ليس لي أكلات مفضلة، وآخر حاجة أفكر فيها هي الطعام، وهذا من فضل الله ونعمته علي.

 

(على هامش اللقاء)

معلومات طازجة

* حرص السفير محمود أبو دنيا علي أن يقدم إلينا آخر المعلومات والإحصائيات التي حصل عليها من أجهزة الدولة المختلفة والمعنية، مثلا كان يتحدث عن إحصائيات تتعلق بميزان التبادل التجاري وفقا لآخر إحصائيات صدرت وحصل عليها قبل نصف ساعة فقط من لقائنا معه!!

إجابات موثقة

* ظننا أن عناية السفير طلب الأسئلة التي سوف يتضمنها الحوار لعرضها علي وزارته، أو الإجابة عليها “كتابة”، لكن المفاجأة أنه طلبها بغرض تقفي أثر المعلومات والوقوف علي آخرها وخاصة التي تتعلق بمختلف جوانب العلاقات وفي مقدمتها العلاقات التجارية وكانت إجاباته موثقة ولم يتردد في الرد علي أي سؤال.

* مفاجآت السفير لم تتوقف عند هذا الحد كان من بينها انه تفوق علي الصحفيين إذ أعد جهازين لتسجيل الحوار واحد لنا والآخر توثيقي له، غير أن المفاجأة الأكثر إثارة حين أبلغنا أن أحدي جهازي التسجيل والشريطين اللذين تم التسجيل عليهما، يحتفظ بهما منذ أيام عمله بالدوحة، أي ما يقرب من 23 عاما.

ذكريات الشرق

* قال السفير محمود أبو دنيا أنه شهد تأسيس جريدة الشرق، وسرد ذكرياته عنها منذ أن كانت تصدر من فيلا علي الدائري الرابع، وقدم أدلة علي دقة معلوماته وقال أن المبني كان أبيض اللون، وكان له “بسمنت”، وضحك وقال “أنا حافظ الدوحة جيدا”،

وأنا أعرفها “شارع شارع”..

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x