وقف الخلق ينظرون جميعاً

للشاعر الكبير: حافظ إبراهيم​

وَقَفَ الخَلقُ يَنظُرونَ جَميعاً

وَبُناةُ الأَهرامِ في سالِفِ الدَهـ

أَنا تاجُ العَلاءِ في مَفرِقِ الشَر

أَيُّ شَيءٍ في الغَربِ قَد بَهَرَ النا

فَتُرابي تِبرٌ وَنَهري فُراتٌ

أَينَما سِرتَ جَدوَلٌ عِندَ كَرمٍ

وَرِجالي لَو أَنصَفوهُم لَسادوا

لَو أَصابوا لَهُم مَجالاً لَأَبدَوا

إِنَّهُم كَالظُبا أَلَحَّ عَلَيها

فَإِذا صَيقَلُ القَضاءِ جَلاها

أَنا إِن قَدَّرَ الإِلَهُ مَماتي

ما رَماني رامٍ وَراحَ سَليماً

كَم بَغَت دَولَةٌ عَلَيَّ وَجارَت

إِنَّني حُرَّةٌ كَسَرتُ قُيودي

وَتَماثَلتُ لِلشِفاءِ وَقَد دا

قُل لِمَن أَنكَروا مَفاخِرَ قَومي

هَل وَقَفتُم بِقِمَّةِ الهَرَمِ الأَك

هَل رَأَيتُم تِلكَ النُقوشَ اللَواتي

حالَ لَونُ النَهارِ مِن قِدَمِ العَه

هَل فَهِمتُم أَسرارَ ما كانَ عِندي

ذاكَ فَنُّ التَحنيطِ قَد غَلَبَ الدَه

قَد عَقَدتُ العُهودَ مِن عَهدِ فِرعَو

إِنَّ مَجدي في الأولَياتِ عَريقٌ

أَنا أُمُّ التَشريعِ قَد أَخَذَ الرو

وَرَصَدتُ النُجومَ مُنذُ أَضاءَت

وَشَدا بَنتَئورَ فَوقَ رُبوعي

وَقَديماً بَنى الأَساطيلَ قَومي

قَبلَ أُسطولِ نِلسُنٍ كانَ أُسطو

فَسَلوا البَحرَ عَن بَلاءِ سَفيني

أَتُراني وَقَد طَوَيتُ حَياتي

أَيُّ شَعبٍ أَحَقُّ مِنّي بِعَيشٍ

أَمِنَ العَدلِ أَنَّهُم يَرِدونَ ال

أَمِنَ الحَقِّ أَنَّهُم يُطلِقونَ ال

نِصفُ قَرنٍ إِلّا قَليلاً أُعاني

نَظَرَ اللَهُ لي فَأَرشَدَ أَبنا

إِنَّما الحَقُّ قُوَّةٌ مِن قُوى الدَي

قَد وَعَدتُ العُلا بِكُلِّ أَبِيٍّ

أَمهِروها بِالروحِ فَهيَ عَروسٌ

وَرِدوا بي مَناهِلَ العِزِّ حَتّى

وَاِرفَعوا دَولَتي عَلى العِلمِ وَالأَخـ

وَتَواصَوا بِالصَبرِ فَالصَبرُ إِن فا

خُلُقُ الصَبرِ وَحدَهُ نَصَرَ القَو

شَهِدوا حَومَةَ الوَغى بِنُفوسٍ

فَمَحا الصَبرُ آيَةَ العِلمِ في الحَر

إِنَّ في الغَربِ أَعيُناً راصِداتٍ

فَوقَها مِجهَرٌ يُريها خَفايا

فَاِتَّقوها بِجُنَّةٍ مِن وِئامٍ

وَاِصفَحوا عَن هَناتِ مَن كانَ مِنكُم

نَحنُ نَجتازُ مَوقِفاً تَعثُرُ الآ

وَنُعيرُ الأَهواءَ حَرباً عَواناً

وَنُثيرُ الفَوضى عَلى جانِبَيهِ

وَيَظُنُّ الغَوِيُّ أَن لا نِظامٌ

فَقِفوا فيهِ وَقفَةَ الحَزمِ وَاِرموا

إِنَّنا عِندَ فَجرِ لَيلٍ طَويلٍ

غَمَرَتنا سودُ الأَهاويلِ فيهِ

وَتَجَلّى ضِياؤُهُ بَعدَ لَأيٍ

فَاِستَبينوا قَصدَ السَبيلِ وَجِدّوا

كَيفَ أَبني قَواعِدَ المَجدِ وَحدي

ـرِ كَفَوني الكَلامَ عِندَ التَحَدّي

قِ وَدُرّاتُهُ فَرائِدُ عِقدي

سَ جَمالاً وَلَم يَكُن مِنهُ عِندي

وَسَمائي مَصقولَةٌ كَالفِرِندِ

عِندَ زَهرٍ مُدَنَّرٍ عِندَ رَندِ

مِن كُهولٍ مِلءِ العُيونِ وَمُردِ

مُعجِزاتِ الذَكاءِ في كُلِّ قَصدِ

صَدَأُ الدَهرِ مِن ثَواءِ وَغِمدِ

كُنَّ كَالمَوتِ ما لَهُ مِن مَرَدِّ

لا تَرى الشَرقَ يَرفَعُ الرَأسَ بَعدي

مِن قَديمٍ عِنايَةُ اللَهُ جُندي

ثُمَّ زالَت وَتِلكَ عُقبى التَعَدّي

رَغمَ رُقبى العِدا وَقَطَّعتُ قِدّي

نَيتُ حَيني وَهَيَّأَ القَومُ لَحدي

مِثلَ ما أَنكَروا مَآثِرَ وُلدي

بَرِ يَوماً فَرَيتُمُ بَعضَ جُهدي

أَعَجَزَت طَوقَ صَنعَةِ المُتَحَدّي

دِ وَما مَسَّ لَونَها طولُ عَهدِ

مِن عُلومٍ مَخبوءَةٍ طَيَّ بَردي

رَ وَأَبلى البِلى وَأَعجَزَ نِدّي

نَ فَفي مِصرَ كانَ أَوَّلُ عَقدِ

مَن لَهُ مِثلَ أولَياتي وَمَجدي

مانُ عَنّي الأُصولَ في كُلِّ حَدِّ

في سَماءِ الدُجى فَأَحكَمتُ رَصدي

قَبلَ عَهدِ اليونانِ أَو عَهدِ نَجدِ

فَفَرَقنَ البِحارَ يَحمِلنَ بَندي

لي سَرِيّاً وَطالِعي غَيرَ نَكدِ

وَسَلوا البَرَّ عَن مَواقِعِ جُردي

في مِراسٍ لَم أَبلُغِ اليَومَ رُشدي

وارِفِ الظِلِّ أَخضَرِ اللَونِ رَغدِ

ماءَ صَفواً وَأَن يُكَدَّرَ وِردي

أُسدَ مِنهُم وَأَن تُقَيَّدَ أُسدي

ما يُعاني هَوانَهُ كُلُّ عَبدِ

ئي فَشَدّوا إِلى العُلا أَيَّ شَدِّ

يانِ أَمضى مِن كُلِّ أَبيَضَ هِندي

مِن رِجالي فَأَنجِزوا اليَومَ وَعدي

تَسنَأُ المَهرَ مِن عُروضٍ وَنَقدِ

يَخطُبَ النَجمُ في المَجَرَّةِ وُدّي

ـلاقِ فَالعِلمُ وَحدَهُ لَيسَ يُجدي

رَقَ قَوماً فَما لَهُ مِن مَسَدِّ

مَ وَأَغنى عَنِ اِختِراعٍ وَعَدِّ

صابِراتٍ وَأَوجُهٍ غَيرِ رُبدِ

بِ وَأَنحى عَلى القَوِيِّ الأَشَدِّ

كَحَلَتها الأَطماعُ فيكُم بِسُهدِ

كَم وَيَطوي شُعاعُهُ كُلَّ بُعدِ

غَيرِ رَثِّ العُرا وَسَعيٍ وَكَدِّ

رُبَّ هافٍ هَفا عَلى غَيرِ عَمدِ

راءُ فيهِ وَعَثرَةُ الرَأيِ تُردي

مِن خِلافٍ وَالخُلفُ كَالسِلِّ يُعدي

فَيُعيدُ الجَهولُ فيها وَيُبدي

وَيَقولُ القَوِيُّ قَد جَدَّ جِدّي

جانِبَيهِ بِعَزمَةِ المُستَعِدِّ

قَد قَطَعناهُ بَينَ سُهدٍ وَوَجدِ

وَالأَمانِيُّ بَينَ جَزرٍ وَمَدِّ

وَهوَ رَمزٌ لِعَهدِيَ المُستَرَدِّ

فَالمَعالي مَخطوبَةٌ لِلمُجِدِّ

5 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x