Uncategorized

بكاء الرجال!

قالت لي: هل بكاء الرجل عيب؟

– قلت: طبعا لا، من الذي قال ذلك؟!

– قالت: إذن لماذا لا أراك تبكي؟!

– قلت: وهل تعيشين معي طوال الوقت، لابد أن هناك أوقاتا خاصة يعيشها أي إنسان بمفرده بعيدا عن أعين الناس، حتى عن أقرب الناس إليه، قد أكون أنا من هؤلاء الناس الذين يفضلون البكاء بمفردهم.

– إذن، هذا اعتراف أنك تبكي.

– قلت: وهل أنكرت هذا، إن البكاء ليس تهمة أو عيبا كي أتنصل منه!

– لقد تربينا في مجتمعاتنا على أن بكاء الرجل ضعف، والرجل يحب أن يظهر قويا أمام الناس، ولذلك فإن معظم الرجال لا يحبون البكاء، حتى إذا بكوا بكوا بعيدا عن أعين من حولهم، خاصة المقربين منهم.

– قلت: هذا تصور خاطئ بكل تأكيد، فالإنسان عندما يتعرض لضغوط الحياة، أو تصيبه إحدى مصائب الدنيا، ويكون الحدث أكبر من قدرته على التحمل، يصاب بصدمة تفقده القدرة على التفكير الصائب، هذه الصدمة لها رد فعل يختلف من شخص إلى آخر، فهناك من يكون رد فعله الصمت والذهول، وهناك من يصاب بحالة ضحك هستيري، ومنهم من يبكي ومن يصرخ، حتى أن البعض قد يموت من الصدمة، كل حسب طبيعته وقدرته على التحمل.

والبكاء من معجزات الله في خلقه، فإذا أصاب الإنسان هم أو غم، فإن البكاء يغسل ما في الصدور، وتخرج الدموع من العين حاملة ما في القلب والصدر من كبت وآلام وجروح.

– المرأة يمكن أن تفعل ذلك، لكن إذا فعل الرجل هذا فهو عيب، خاصة أمام الناس.

– قلت: وهل الرجل إلا إنسان كما المرأة، يملك المشاعر والأحاسيس، بل لعلي لا أبالغ إذا قلت لك أن هناك رجالا يملكون مشاعر أكثر رقة وأحاسيس مرهفة أكثر من بعض النساء، البكاء نوع من التعبيرات الإنسانية التي لا تفرق بين جنس المرأة أو الرجل.

– أنت إذن تحاول أن تقنعني أنه لا يوجد فرق بين الرجل والمرأة في مسألة البكاء؟

– قلت: بالطبع لا، هناك فرق في قدرة تحمل الرجل عن المرأة، فالمرأة يمكن أن تبكي من أقل حدث، لكن الرجل الذي يبكي يبكي عندما يصل الحدث إلى درجة المصيبة.

– هل لي أن أسألك متى بكيت؟

– الأفضل أن تسأليني متى تمنيت أن تبكي..

– إذن متى تمنيت أن تبكي؟

– كنت أتمنى أن أبكي عندما رحلت أغلى إنسان في حياتي، عندما توفيت أمي، لكن لهول الصدمة وعظم المصيبة، تحجرت الدموع في عيني، فأصابني الذهول، ولازمني الصمت، ولم أستطع حتى البكاء.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x