Uncategorized

حاسِب نفسك قبل أن تحاسَب!

الله سبحانه وتعالى خلقنا لعبادته، مصداقا لقوله تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”، ولتحقيق هذه العبادة لابد من استكمال عملية تطور الكون وهو المعروف بإعمار الأرض، وحتى تتم عملية إعمار الأرض يجب على كل منا أن يعمل في أي من مجالات العمل، فإذا قام كل منا بعمل ما، كبر أو صغر، وتحرى الحلال في عمله، وأتقنه، وأتقى الله فيما يعمل، فستتحقق الغاية بنجاح.

ولأن الإنسان جهول بطبعه، فإننا ننسى مع الوقت المغزى من عملنا في هذه الحياة، ونعتقد أنه الهدف، ونتناسى أنه مجرد وسيلة، وبدلا من أن نكيِّف عملنا ونوظفه لطاعته، ونحتسبه لوجهه تعالى، نجد أننا نبتعد بهذا العمل عن طاعة الله وأداء فروضه وأوامره ونوافله، ونضحك على أنفسنا ونقول: العمل عبادة!

فبدلا من أن نؤدي الصلوات في أوقاتها، نجد أن العمل يؤخرنا عنها وأحيانا يتسبب في انقضاء وقتها، وعندما نفكر في قراءة ما تيسر من القرآن وذكر الله، لا نجد وقتا بسبب انشغالنا بالعمل، وعندما نريد زيارة أقاربنا أو حتى محادثتهم في الهاتف، لا نجد وقتا بسبب انشغالنا بالعمل، حتى الواجبات الاجتماعية تبددت بسبب انشغالنا بالعمل، ولم يبق منها إلا قليل من واجب العزاء وزيارة المرضى.

وبالرغم من أن معظم من يدور في هذه الدوامة من العمل، هو من المتفوقين في عملهم، والمحققين لنجاحات تلو الأخرى، وصحيح أن ظروف الحياة أصبحت صعبة والإنسان يحتاج أوقاتا طويلة لتحقيق ما يصبو إليه، لكن يبقى السؤال: وماذا بعد؟! ماذا بعد كل هذا التعب والكد، ماذا بعد اعتلاء أعلى المناصب وتحقيق أفضل النجاحات وجمع الأموال الطائلة،

كيف سنواجه خالقنا وماذا سنقول له عندما سنقف بين يديه تعالى ويسألنا، سنقول له: “شغلتنا أموالنا وأهلونا”، سنقول: “ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل”، و”ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل”، فالبرغم من أن ما فعلناه ليس كفرا ولا ذنوبا، إلا أن من ينسى ذكر الله ولقاءه فإن الله يحبط عمله.

يجب أن نضع الآن حدا فاصلا في حياتنا، يجب أن نسأل أنفسنا قبل أن يسألنا الله، يجب أن نعيش الحياة التي يرضاها لنا خالقنا، يجب أن نعيد توزيع أوقاتنا بين عملنا وبين ما يقربنا من الله ويرضيه عنا، فوقت لعبادة ربنا والتقرب له بالفرائض والنوافل، ووقت لرعاية أولادنا وتربيتهم تربية حسنة، ووقت لصلة أرحامنا، ووقت لمد يد العون لمن يحتاجه من حولنا، ولا ننسى الوقت الذي نستمتع فيه بالحياة التي نعيشها.

علينا أن نأخذ القرار قبل فوات الأوان، أتمنى أن أبدأ معكم.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
0
أحب تعليقاتك وآرائك،، أكتب لي انطباعك هناx
()
x